تخيل معي رجلا فارع الطول قوي البنيان، موثقا بأغلال من حديد في زاوية زنزانة، نأتي - نحن المتحمسون - ونصرخ في وجهه "قم! تحرك! اركض خلف أحلامك! حقق طموحاتك!" فما الذي سيفعله صاحبنا؟ لا شيء. سنلوم أنفسنا "ترى ما الخطأ في خطابنا له؟ هل شجعناه بما يكفي؟ أم أنه إنسان ضعيف الهمة أصلا ولا ينبغي أن نتعب معه؟" نطرح الأسئلة متناسين - أو متعامين عن - قيوده التي لا تسمح له بالتحرك شبرا واحدا. عن الأغلال النفسية نتحدث، عن الخوف من النجاح والخوف من الفشل، عن الخوف من الآخرين وآرائهم وأحكامهم، عن الخوف من تكرار التجارب الفاشلة، أو تكرار الصدمات النفسية الأليمة، عن الخوف من غدر القريب وشماتة البعيد، عن إنهاك القوى الذي يحدث بعد محاولات مضنية لإثبات المُثْبَت أو نفي المنفيّ أصلا، عن استعجال النتائج الذي يورث الخيبات، عن جلد الذات بعد كل صغيرة وكبيرة، عن قلة الثقة بالنفس وقلة احترامها، وغيرها من الأغلال التي لا يتقدم الإنسان تقدما حقيقيا إلا بتحطيمها، وقتها تكون الظروف الخارجية مجرد حواجز يتخطاها الإنسان بيُسر حين يستعين بالله ويأخذ بالأسباب. اعرف قيودك واعمل على كسرها قبل أن تسعى للإنجازات الكبيرة، فوحده الحُر هو من سيكمل المشوار حتى نهايته.