عادة يكون الإنسان مشغولا عن ذاته بضجيج وصخب الحياة، من الانخراط بالعلاقات الاجتماعية، والانصهار بالعمل، ولكن منذ بدء تفشي جائحة كورونا، وبعد أن تعطلت عجلة العالم عن الدوران والعمل لأسابيع، إلى فترة المنع الكلي والتباعد الاجتماعي، نلت بهذه الفترة من الهدوء الاجتماعي، والوقت ما يكفي من الخلوة بنفسك لسماع صوتك الداخلي، واستجواب ذاتك، بتجريد واستبعاد الأفكار المختزنة مع الزمن بذاكرتك، ودون الاكتراث لآراء وأفكار الآخرين. ما تريده أنت؟ و ما لا تريده؟ أهدافك وإنجازاتك، أحلامك وآمالك، ما الذي حققته لليوم؟ وهل هذا فعلا ما تريده؟ وماذا تبقى من أحلام وطموحات؟ حتى تلك المركون منها! امسح الغبار عنها ولا يأس، فأنت لم تتأخر على شيء ما دام قلبك ينبض بالحياة. قد تكون ضوضاء الحياة من حولك تمنعك من استماع صوتك، لأن الحياة تشبه سباق الماراثون محدد به نقطة البداية والنهاية! ولكن هنا باختلاف شاسع لما بين النقطتين. اجر باستمرار، ولكن بسؤال وإجابة حقيقين من أعماقك، بلا يأس نحو أحلامك، وإن تعبت؟ هرول، خذ وقتك، اهدأ، وفكر، ربما هنا ستشعر بضغطٍ من أصواتٍ خارجية كثيرة تتساءل ويثيرها الفضول عنك! عن سبب توقفك؟ وهناك من سيحاول أن يملي عليك ما يجب أن تفعله بالمرحلة المقبلة من عمرك. افعل ما يمليه عليك قلبك وعقلك وانطلق، ادرس، اعمل بشغفٍ ما تحب، وعش حياة تشبهك، وارسم حياتك ولونها بألوانك المفضلة. لا تتردد بطلب نصيحة، مساعدة من شخصٍ مؤهلٍ لحل معضلتك، ولا تقفز بين مراحل حياتك دون تخطيط، بشكل عشوائي للمستوى الذي يليه من اللعبة (الحياة)، فربما قرارات غير مدروسةٍ تزيد تعثرك، تخبطك، تصعب الحياة أكثر، وكي لا تدخل نفسك بدوامة في الوقت الذي كنت تريد به أن تتدفق مع الموج. الإنسان يكتشف كل يوم تقريبا أمورا كثيرة عن نفسه، وأنت لا تستطيع أن تصم أذنيك عن صوتك الداخلي لسنواتٍ مديدة، والأهم من هذا هو عندما تشيب! ألا تغني على الأطلال بحسرةٍ تردد "ألا ليت الشباب يعود يوما". دائما وأبدا بين فترة وأخرى اقتطع لنفسك راحة تريح بها ذهنك، تتمكن بها من الإنصات وسماع صوتك، تفكر بعقلٍ سليم، صاف، تجمع بها تشتتك، فتعود أنقى وأقوى.