جرت سنة الله تعالى أن أهل الشر يتآمرون على أهل الخير، ويحسدونهم على ما آتاهم الله من فضله، وجرت سنة الله كذلك على أن كل من دعا إلى توحيد الله وحده لا شريك له، فإنه يُعادى ويُؤذى، والشواهد من القرآن والسنة على هذه الحقيقة كثيرة ومعلومة. قال تعالى {وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِين}، هكذا هي النفوس الشريرة تتآمر على الرسل لإيقاع الشر والفساد في الأرض كما حصل للنبي موسى، عليه السلام، وكما حصل قبله للنبي إبراهيم -عليه السلام- عندما قال المتآمرون الأشرار {اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوه}، ولكن العاقبة للمتقين، قال تعالى {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِين}، وكما تآمر الأشرار كذلك على نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- للمكر به والقضاء عليه وعلى دعوته، كما قال تعالى {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين}، وقد كانوا يسمونه الأمين، ولكن لما دعا إلى التوحيد استهدفوه، هذا هو دأب الأشرار مع دعاة التوحيد من الرسل وأتباعهم، وقد قال ورقة بن نوفل للنبي -عليه الصلاة والسلام- كما في البخاري (ما جاء أحدٌ بمثل ما جئت به إلا عُودي وأُوذي)، والمملكة العربية السعودية دعت إلى ما دعا إليه رسول الله، عليه الصلاة والسلام، لذلك لا عجب أن يتآمر المجرمون عليها بدسائسهم ومكرهم، ولكن سينقلب مكر المجرمين على أنفسهم قال تعالى { ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}. ونحن لا نستطيع هداية من أعمى الحقد والدسائس والمؤامرات الإجرامية قلبه، فالله تعالى يقول: {ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور} ويقول: { وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم}. ولكن الذي نستطيعه ونحن مأمورون به شرعاً ما يأتي: 1 - ملازمة طاعة الله تعالى واللجوء إليه، وتحقيق الإيمان، فقد تكفل الله بالنصر لأهل الإيمان فقال (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم)، وقال (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَاد)، وقال (إن الله يدافع عن الذين آمنوا). وأخبرنا تعالى أنه نجى أهل الإيمان وجعل كيد المتآمرين الأشرار في سفال فقال تعالى {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِين}. 2 - تقوية اللحمة الوطنية، وتفويت الفرصة على الأعداء، الذين يحرصون على إثارة النعرات والعصبيات، بل يحرصون على كل ما يؤدي إلى الفتنة وانقسام المجتمع، وقد ينخدع بهم من لا فقه عنده، فيطعن بولاء إخوانه المواطنين، ويتهمهم بما هم براء منه، وكأنه يريد باستفزازه وظلمه ومزايدته جعلهم خصوماً لبلدهم، وهذا أحد الأسس التي تقوم عليها الفتن. والموفق هو: من يكسب إخوانه ممن زلت به القدم فضلاً عن غيرهم ليرجعوا عن خطئهم ويبينوا، ويكونوا في صف بلادهم وولاة أمرهم، فإن من النصيحة لأئمة المسلمين (رد القلوب النافرة إليهم). وأما من أصر على خطئه ولم يرجع إلى الحق فإنه يرفع به إلى ولاة الأمور. 3 - تكثيف تدريس العقيدة الصحيحة في المساجد ودور العلم والإعلام، فهي أمان من جميع الانحرافات، وهي التي بموجبها تؤدى البيعة والإمامة، وبموجبها يتم لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، وتحريم الخروج على ولاة الأمر بأي نوع من الخروج، وعدم منازعة الأمر أهله. 4 - ما كل ما يُعلَم يُقال، وما يُقال لأهل الاختصاص قد لا يحسن قوله لغيرهم، ورب كلمة أو تغريدة قالت لصاحبها دعني. 5 - نحن مع إمامنا الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، ولو خاضوا بنا البحر للدفاع عن الدين والوطن لخضناه معهم ما تخلف منّا رجلٌ واحد، هذه عقيدتنا، يجب أن يعلمها أبناؤنا في كل مراحل التعليم، فالملك وولي العهد يسهران لننام، ويتعبان لنرتاح، ويدفعان عنا الأخطار، ويعلمان من السياسات ما لا نعلم، فواجبنا الدعاء لهما بالتوفيق، والوقوف معهما صفاً واحدا، وعدم الالتفات لأي قنوات أو حسابات معادية، تريد التفريق بيننا وبين ولاة أمرنا، وتريد ملء القلوب حقدا على ولاة الأمور باسم الحقوق ونحوها، فلنحذرهم فهم العدو، فإنه لا يوجد على وجه الأرض اليوم أفضل من ولاة أمرنا بحمد الله. 6 - حرية التعبير لا تعني إساءة التعبير، فالإساءة والاتهامات الظالمة إلى مؤسسات الدولة ورجالها، ليست من الحكمة، ولا علاقة لها بالنقد البناء، وإنما هي بابٌ من أبواب الإثارة والتجييش المنهي عنه شرعا. 7 - الدفاع بالكلمة عن المملكة العربية السعودية يكون بالحجة والبرهان، وبلادنا -بحمد الله- على حق، ونحن نملك الدليل والبينة على عدالة موقف بلادنا، وظلم خصومها، ولذلك لا حاجة للكلام الذي يضر ولا ينفع، بل نضبط ما نقوله ونفعله، ونزنه بميزان العدل، ونجعله مؤتمّاً بالكتاب الذي أنزله الله، وجعله هدى للناس، فندمغ بالحق والحجة والبرهان باطل الأشرار فإذا هو زاهق.