أشارت جامعة الملك فيصل إلى أن العصر الحديث استوجب الحاجة إلى علم «إدارة الأزمات والكوارث»، وهو عِلمٌ مؤسس -كغيره من العلوم- على مجموعة من الأسس والمبادئ العلمية والمفاهيم الخاصة به. فهو يهدف إلى «التحكم في أحداث مفاجئة، ومتفاقمة، وتقوم على التعامل الفوري مع الأحداث لوقف تصاعدها، والسيطرة عليها وتحجيمها، وحرمانها من مقوّمات تعاظُمها، ومن أي روافد جديدة قد تكتسبها أثناء قوة اندفاعها»! هذا المفهوم لإدارة الأزمات قد لا تدرك أهميته فئات ومؤسسات كثيرة لدينا إلا بعد انتشار «جائحة كورونا عالميّا ثم محليّا، إذ بدأ الاهتمام ملموسا يظهر على السطح المحلي للحدّ من انتشار الفيروس، وذلك خلال التركيز بداية على الجانب الصحي فقط!، لذلك على الرغم من الجهود العظيمة التي بذلتها وزارة الصحة خلال الأشهر الماضية، مع الإجراءات الاحترازية للحدّ من ارتفاع نسبة الإصابات بهذا الفيروس على مستوى مناطق المملكة، وبالتعاون مع وزارة الداخلية مشكورة، إلا أن النتائج المتوقعة بعد التخفيف من بعض تلك الإجراءات كانت مُخيّبة للآمال، وصادمة للجميع، وهذا -بلا شك- يرتبط أساسا بأهم عامل على المستوى الصحي والاجتماعي، ألا وهو «عامل الوعي»، والذي ما زال منخفضا لدى كثير من الفئات المجتمعية تجاه التعامل مع الأزمات، وما ينتج عنه من تساهل واستهتار حيال التقيّد والالتزام بضوابطها!. لذلك، نحن بحاجة دوما إلى نشر الوعي بأهمية «التعامل مع الأزمات والكوارث»، والذكاء في التعامل مع مستوياتها، ويكون أولا خلال أهمّ مؤسسة اجتماعية تربوية وهي «الأسرة»، والتي تقوم عليها مهامّ عدة لها قيمة أخلاقية وإنسانية، وذات أبعاد عكسية على تطور المجتمع أو تدهوره اقتصاديّا وأخلاقياً. فهناك - مثلاً - مشكلات تحدث داخل الأسرة تتطور إلى أزمات تعصف بتماسك الأسرة، عصفاً يسيء بأفرادها، وذلك بسبب الإهمال والتعامل السيئ والتجاهل للاحتياجات الأساسية، وتأجيل البت في قرارات مصيرية، تسهم في احتواء تلك المشكلات، وهذا بالتالي يسهم في تشكيل شخصيات سلبية لا مبالية، لا تقدير لها للمخاطر أو للجهود الوطنية لحمايتها، وكذلك شخصيات قد تكون قيادية ومهنية، لكن -للأسف- لا اهتمام لها في وضع «إدارة الأزمات والكوارث» في قمة هيكلتها التنظيمية للقطاع الذي تقوده، وغيرها من النماذج السلبية المؤذية لنا جميعا، والتي لا تقدير لها للمخاطر بمختلف مستوياتها وأنواعها، والدليل المشاهدات غير الواعية في التعامل مع «جائحة كورونا»، بعد منحها جزءا من الحرية الشخصية. والمؤلم حقا -كذلك- أن هناك وزارات مهمة لا وجود لإدارة الأزمات على هيكلتها الإدارية، رغم أنها ترعى فئات ذات ظروف خاصة، وذات أعمار مختلفة، وقد تحدث لها مواقف في أي لحظة تُشكّل أزمة، وقد يذهب مقابل ذلك أرواح بريئة، لعدم القدرة والوعي بضرورة التدخل العاجل والسليم لها!. لذلك، فإن اتجاه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية - مؤخرا - بتنفيذ «مشروع يهدف إلى دراسة وتطوير آلية العمل والإجراءات الخاصة بالإدارة العامة للأزمات، ووضع إستراتيجية جديدة للوزارة لإدارة الأزمات»، يجب تعميمه على جميع الوزارات والقطاعات التي تحت متابعتها الإدارية، إذ لا بد من إدراج إدارة للأزمات والكوارث في هيكلها الإداري، وذلك تحسّبا للظروف الطارئة والاستعداد لاحتواء تلك الأزمات في وقت قياسي، وعدم الوصول إلى مستوى الخسائر البشرية والمادية.