حذر المحلل الأمريكي أندرو براون من أن ثورة الاتصالات والمواصلات التي جعلت العالم شديد التشابك والترابط، لا يمكن أن تجعله آمنا صحيا أو مناخيا أو حتى اقتصاديا أو ماليا بدون التعاون الوثيق بين أكبر اقتصادين فيه، وهما الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الصيني، حيث إن الموجة التالية من كورونا تهدد الدول الفقيرة، والتعاون سبيل النجاة. وقبل أيام أقر زعيما الصينوالولاياتالمتحدة بهذه الحقيقة علنا على خلفية اجتياح فيروس كورونا الجديد للعالم، حيث قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب: «شهدت الصين الكثير في مواجهة كورونا وطورت فهما قويا للفيروس. ونحن نعمل معا بشكل وثيق». وعقب اتصال هاتفي مع نظيره الصيني شي جين بينج، غرد ترمب على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أول من أمس: «عظيم الاحترام» للصين، في حين قال شي: «سيستفيد الجانبان إذا تعاونا، وسيخسران إذا حارب كل منا الآخر»، بحسب ما أوردته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، مضيفا: «التعاون هو الخيار الوحيد الصائب». الصراع بحسب وكالة «Bloomberg» أصبحت التداعيات القاتلة المحتملة لأي صراع ينشب بين الصينوالولاياتالمتحدة أمرا جليا الأسبوع الماضي عندما انتهى اجتماع لمجموعة الدول ال7 الصناعية الكبرى كان يهدف للتنسيق بشأن تحرك عالمي في مواجهة كارثة كورونا، دون صدور بيان مشترك. فشل البيان جاء الفشل في إصدار بيان مشترك نتيجة إصرار وزير خارجية الولاياتالمتحدة مايك بومبيو على وصف وباء كورونا الجديد في البيان باسم «فيروس ووهان»، نسبة إلى مدينة ووهان الصينية التي ظهر فيها الفيروس وانتشر منها، وهو ما يتعارض مع قواعد منظمة الصحة العالمية المنظمة لتسمية الفيروسات والأمراض، بما يتجنب إلصاق اسم مرض أو فيروس بمنطقة جغرافية أو جماعة عرقية أو دينية بعينها. وكان ترمب نفسه تعرض لموجة انتقادات حادة وتم اتهامه بالعنصرية عندما استخدم مصطلح «الفيروس الصيني» في الإشارة إلى فيروس كورونا الجديد. اللحظة الحالية يرى المحلل الأمريكي أندرو براون أن اللحظة الحالية التي يمر بها العالم تستوجب تحركا عالميا مركزا ومنسقا، بدلا من المواقف السياسية، وذلك في الوقت الذي يتجه فيه فيروس كورونا صوب الدول الأقل قدرة على مواجهته. وحشدت الصين إمكانات هائلة لاحتواء الوباء، ولدى الدول الغنية أنظمة رعاية صحية متقدمة وشبكات ضمان اجتماعي واسعة يمكنها التخفيف من وطأة الكارثة على شعوبها. لكن الاقتصادات الضعيفة والمتعثرة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط تفتقر المؤسسات القوية والقدرات الطبية، وهي تترقب وصول الجائحة إليها. كارثة إيران تحول انتشار كورونا في إيران إلى كارثة، ثم انتقل الفيروس مع المسافرين منها إلى سورية والعراق ولبنان، وهي الدول التي تعج باللاجئين الذين يمكن أن يصبحوا فريسة سهلة للفيروس. وقال الباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، جون بي ألترمان، إن مصر تواجه خطرا كبيرا ولا يبدو أن الناس تدرك ذلك، في ظل استمرار الزحام في العديد من الأماكن، مثل المقاهي والمساجد والكنائس والمطاعم، ولكن ذلك كان قبل أن تقرر السلطات المصرية بالفعل إغلاق المقاهي والنوادي والمطاعم وقطاعات الأفراح، كما قررت وزارة الأوقاف المصرية منع صلاة الجمعة وصلوات الجماعة في المساجد، وكذلك قررت الكنائس منع إقامة القداسات والصلوات، في إطار إجراءات الحد من انتشار الفيروس. حافة الهاوية كتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يقول، إن الاقتصادات الإفريقية على حافة الهاوية، وبدأ بالحديث عن بلاده، مضيفا أنه بدون العملة الصعبة التي توفرها شركة الخطوط الجوية الإثيوبية، لن تستطيع البلاد توفير المستلزمات الطبية الأساسية. ويتساءل: «كيف يفترض أن يغسل الإثيوبيون أيديهم للحد من انتشار كورونا إذا لم تكن لديهم المياه النظيفة في منازلهم؟». ومن إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية، حيث تأتي البرازيل التي تواجه شبح انفجار عدوى كورونا المستجد في الأحياء الفقيرة، بعد أن قال الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو عن الفيروس في البداية إنه «محض خيال». ويقول روبرت موجاه، مدير الأبحاث بمعهد إيجارابي للدراسات في مدينة ريودي جانيرو البرازيلية، إن الأحياء الفقيرة في البرازيل «قنبلة موقوتة» فيما يتعلق بأزمة كورونا.