فيما تسبّبت تسع سنوات من الحرب الدامية والمدمرة في سورية بمقتل 384 ألف شخص على الأقل، اعتبرت وزارة الدفاع الروسية أن المفاوضات العسكرية مع تركيا حول الوضع في إدلب السورية كانت بناءة، مشددة على أن نتائجها ستسمح بتطبيق كل الاتفاقات بين الطرفين حول هذه المنطقة، على أن يتم اليوم تسيير أول دورية روسية تركية مشتركة في الطريق M4، بموجب هذه الاتفاقات. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان أصدرته أمس «جرت المفاوضات في أنقرة مع الشركاء الأتراك في أجواء بناءة. وستسمح نتائجها بتطبيق كل الاتفاقات الخاصة بمنطقة إدلب لخفض التصعيد، والتي تم التوصل إليها بين الرئيسين الروسي والتركي يوم 5 مارس في موسكو». 384 قتيلاً على صعيد آخر، تسبّبت تسع سنوات من الحرب الدامية والمدمرة في سورية بمقتل 384 ألف شخص على الأقل، بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وفق حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، عشية دخول النزاع عامه العاشر. وتشهد سورية منذ منتصف مارس 2011 نزاعاً دامياً، بدأ باحتجاجات شعبية سلمية ضد النظام مطالبة بالديمقراطية والحريات، سرعان ما قوبلت بقمع مارسته أجهزة النظام قبل أن تتحول حرباً مدمرة تشارك فيها أطراف عدة. وتسببت الحرب بأكبر مأساة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، وفق الأممالمتحدة، مع نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، كما استنزفت الاقتصاد وموارده والبنى التحتية وتسببت بانهيار قياسي في قيمة الليرة السورية. 22 ألف طفل وثق المرصد السوري، الذي يعتمد منذ بدء النزاع على شبكة واسعة من المراسلين والمصادر في مختلف المناطق، مقتل 384 ألف شخص على الأقل منذ اندلاع النزاع في 15 مارس 2011 حتى صباح أمس، بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وبين القتلى المدنيين أكثر من 22 ألف طفل و13 ألف امرأة. وفيما يتعلق بالقتلى غير المدنيين، أحصى المرصد مصرع أكثر من 129 ألف عنصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، أكثر من نصفهم من الجنود السوريين، وبينهم 1697 عنصراً من حزب الله اللبناني الذي يقاتل بشكل علني إلى جانب دمشق منذ العام 2013. 57 ألف داعشي قتل نحو 57 ألفاً على الأقل من مقاتلي الفصائل المعارضة والإسلامية وأكثر من 13 ألفاً من قوات سورية الديمقراطية، التي تشكل الوحدات الكردية أبرز مكوناتها، وتمكنت العام الماضي بدعم أمريكي من القضاء على «خلافة» تنظيم الدولة الإسلامية. في المقابل، قتل أكثر من 67 ألفاً من مقاتلي تنظيم داعش وجبهة تحرير الشام «جبهة النصرة سابقاً» ومقاتلين أجانب من فصائل متشددة أخرى، إلى جانب مقتل 421 شخصاً مجهولي الهوية منذ اندلاع النزاع. وتشمل هذه الإحصاءات وفق المرصد، من تمكن من توثيق وفاتهم جراء القصف خلال المعارك، ولا تضم من توفوا جراء التعذيب في المعتقلات الحكومية أو المفقودين والمخطوفين لدى مختلف الجهات، ويقدر عدد هؤلاء بأكثر من 97 ألف شخص. عدا عن الخسائر البشرية، أحدث النزاع منذ اندلاعه دماراً هائلاً، قدرت الأممالمتحدة في وقت سابق كلفته بنحو 400 مليار دولار. 10 أعوام مع بدء النزاع عامه العاشر، باتت القوات الحكومية تسيطر على 70% من مساحة سورية، وتنتشر في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرق البلاد، بموجب اتفاق بين الطرفين أعقب هجوماً تركياً على المنطقة الحدودية في أكتوبر. وشنّت قوات النظام هجوماً واسعاً بدعم روسي في الأشهر الأخيرة على مناطق في إدلب ومحيطها خارجة عن سيطرتها، ما أدى إلى فرار نحو مليون شخص، في أكبر موجات النزوح منذ بدء النزاع، وباتت قوات النظام تسيطر على أكثر من نصف مساحة المحافظة. وتوقّف الهجوم إثر وقف لإطلاق النار أعلنته موسكو الداعمة لدمشق مع أنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، وبدأ تطبيقه منذ السادس من الشهر الحالي، توقفت بموجبه المعارك وغابت الطائرات الحربية عن الأجواء. وتشهد سورية أزمة اقتصادية خانقة تخطى معها سعر صرف الدولار في السوق السوداء عتبة الألف ليرة مؤخراً، بعدما كان يعادل 48 ليرة قبل اندلاع النزاع.