شيع المثقفون المصريون ظهر أمس من مسجد الحامدية الشاذلية بضاحية المهندسين بالقاهرة شيخ الكتاب الساخرين محمود السعدني الذي وافته المنية مساء أول من أمس عن عمر يناهز 82 عاماً بعد صراع طويل مع المرض امتد لنحو خمس سنوات. استطاع السعدني أن يؤسس لنفسه مدرسة متميزة في عالم الكتابة الأدبية والصحفية الساخرة متنقلاً فيها من الكتابة في السياسة إلى الفن إلى الرياضة إلى الثقافة إلى التاريخ، بل إن أول كتاب أصدره "أصوات من السماء" كان عن مشاهير قراء القرآن الكريم. وقد اكتوى السعدني بالسياسة فسجن ثلاث مرات كما كتب في مذكراته (مذكرات الولد الشقي) الأولى: "لأني كنت ضد الحكومة"، والثانية "لأني كنت مع الحكومة" والثالثة "لأني لم أكن مع الحكومة أو ضدها"!، وعندما رزق السعدني بولد أسماه أكرم على اسم السياسي السوري أكرم الحوراني الذي كان معجباً به. حظي السعدني بقدير كبير في أوساط أجيال الصحفيين باعتباره رائداً ومعلماً وأباً للجميع خاض نضالاً مع الدولة حتى ليحصل على قطعة أرض في موقع رائع على نيل القاهرة ليحولها إلى ناد للصحفيين المصريين. شارك "الولد الشقي" محمود السعدني ابن مركز الباجور بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة) المولود في الثامن والعشرين من فبراير عام 1928، والذي قضى الشطر الأعظم من حياته في الجيزة، في تحرير وتأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها، ثم رأس تحرير مجلة صباح الخير في الستينات، وشارك في الحياة السياسية بفاعلية في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، كما أصدر وترأس تحرير مجلة 23 يوليو في منفاه بلندن، وعاد السعدني إلى مصر من منفاه الاختياري سنة 1982، بعد اغتيال السادات واستقبله الرئيس مبارك، وربطته صلات قوية بعدد من الحكام العرب. لم يكتف السعدني بالكتابة في الصحف والمجلات ك"أخبار اليوم" و"المصور" وغيرهما، بل أصدر العديد من المؤلفات راقية اللغة بالغة الدقة والسخرية ومنها: "الولد الشقي"، و"مسافر بلا متاع"، و"السعلوكي في بلاد الأفريكي"، و"الموكوس في بلد الفلوس"، و"رحلات ابن عطوطة"، و"أمريكا يا ويكا"، و"قهوة كتكوت"، و"حمار من الشرق"، و"مصر من تاني"، و"تمام يا افندم"، و"الطريق إلى زمش"، و"مذكرات الولد الشقي".