سميت العقيدة بهذا الاسم لأنها تنعقد على القلب، ولأن الإنسان يسلم قلبه لهذا الفكر ويقدسه ويصبح من الثوابت التي لا تهتز ولا تقبل النقاش. واتفقت كل الأديان على احترام معتقدات الناس وعدم المساس بها أو السخرية منها، وفي حال الترغيب والدعوة إلى اعتناق دين معين أو عبودية إله بعينه، فيكون ذلك بالإقناع والدعوة بالتي هي أحسن وتمثيل ذلك الفكر الديني خير تمثيل. ولكن دعنا ننظر إلى أثر ازدراء الأديان الأخرى لديننا الإسلامي، ومدى تأثير احتقارنا الأديان الأخرى، وما يعود به على ديننا الحنيف، فهل عمق اقتناعك بدينك يبرر لك احتقار الأديان والملل الأخرى ؟، وهل ما قام به المتطرفون والذين ينسبون أنفسهم للإسلام من هدم وتحطيم للمعالم الدينية - من البوذية والوثنية - في دول أخرى يعد من إظهار قوة الإسلام وعلو شأنه؟ أم هو نهر الناس وزجرهم عن محاولة التعرف عليه وإظهار سماحته ؟ في مواقف كثيرة كان رسولنا الكريم عليه الصلاة السلام يتعامل مع أصحاب الملل الأخرى ويحسن في تعامله معهم، حتى أنه مات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهون لدى شخص من دين آخر، فكيف بمن يضع أصحاب الملل الأخرى محل السخرية والضحك، وفي أحيان أخرى محلا للكراهية والحقد ؟. الولاء والبراء لا يعني إظهار العداوة للمخالفين في الملة، بقدر ما يعني الانتماء للعقيدة والأخوة في الدين ومناصرته، ومن هنا يظهر لنا دور التربية في تعليم المفاهيم الصحيحة لديننا الإسلامي الحنيف وتغذية العقول بالمنهج الصحيح للإسلام. وحتى تتضح الصورة أكثر دعنا ننظر إلى من يرمون ديننا بالإساءة أو يمسون رموزنا الدينية بأوصاف قبيحة،. هنا يتقاطع الشعور بالمساس بالذات الإلهية مع من يخالفنا في العقيدة، فمن المؤكد أن يقابل غير المسلمين كل سلوك لفظي أو حركي فيه إساءة لدينهم بالمثل، قد يُفسر البعض بأن ازدراء الملة الأخرى لأنها منسوخة أو محرفة في حين أن القرآن الكريم ذكر الكتب السماوية بأنها منزلة من الله سبحانه وتعالى، وكون الكتاب السماوي تم تحريفه، فإن إثم ذلك يبقى معلقا بمن حرفه دون الإساءة لدين الله تجنبا إلى ما يؤدي إلى سب الآلهة كما في قوله تعالى ((وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) الأنعام 108. لقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر من الأممالمتحدة في مادته الأولى، على أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وُهِبوا العقل والوجدان، وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء. من الواضح أن ازدراء الأديان تطرف يقع فيه المسلمون وغيرهم أيضا من أصحاب الملل الأخرى، كما حدث في الرسومات المسيئة للرسول على الصلاة والسلام، ومازال التطرف الديني ضد الإسلام قائما في الغرب، دعونا نرتكز في تعاملنا مع هذا الموضوع انطلاقا من الآية الكريمة في سورة الكافرون (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).