نظمت رابطة العالم الإسلامي في باريس بالتعاون مع مؤسسة إسلام فرنسا «الرسمية» مؤتمرا دوليا بعنوان «السلام والتضامن»، بحضور دولي كبير من 40 دولة، في حدث هو الأول من نوعه على مستوى القادة الدينيين المسلمين والمسيحيين واليهود في فرنسا. وشدد المتحدثون خلال جلسات المؤتمر على أهمية التصدي للأفكار الرامية لزعزعة السلم الأهلي واستهداف بنيان المجتمع الواحد عبر إثارة النعرات العرقية والتمييزية، داعين إلى ضرورة تفعيل كافة القوانين الكفيلة بمواجهة ذلك وحماية مبادئ المساواة العادلة بين الجميع ودعم مبادئ الأخوة والعيش المشترك. وألقى أمين عام الرابطة الشيخ الدكتور محمد العيسى، كلمة أكد فيها انفصال المتطرفين عن الواقع، وتمسكهم بأفكار وهمية نابعة عن فهم مغلوط للماضي والحاضر، وأخطاء كبيرة في تحليل الوقائع التاريخية التي لا يتحمل مسؤوليتها إلا أصحابها. استغلال أكد العيسى، على أهمية حماية الدين من الاستغلال السياسي، وضرورة تحصين الشباب من الجماعات المتطرفة -من كل الأديان- والتي تسعى لتحقيق أهدافها السلطوية عبر إثارة حماسة صغار السن ومحاولة اختطافهم بأساليب التضليل المتنوعة والمكشوفة، وقال «السلام يعد في طليعة المسائل المشتركة بين أتباع الأديان الثلاثة، وإن الخطوة التي اتخذتها الرابطة مع شركائها حول العالم تهدف لتعزيز السلم الحضاري والديني الذي يلقي بظلاله على استقرار الشعوب ومستقبلها». كما أكد حرص الرابطة على نشر الوعي في الداخل الإسلامي وخارجه، ومن ذلك ضرورة أن يلتزم المسلمون في أوروبا باحترام دساتير وقوانين الدول التي يعيشون فيها، ومن جهة شأنهم الديني ألا يقبلوا بتصدير الفتاوى إليهم، فلكل دولة ظرفيتها المكانية وخصوصيتها في الأحكام الشرعية، حيث تختلف الفتاوى في الشريعة الإسلامية باختلاف المكان والزمان وهذا من سعة أفق الشريعة التي تهدف إلى إيجاد المصالح وإقصاء المفاسد وفي هذا تحقيق للمقاصد الحقيقية لنصوص الشريعة الإسلامية. وثيقة عدّ العيسى وثيقة مكةالمكرمة التي وُقّعت في رمضان الماضي من أهم وثائق العصر الحديث، لما أكدت عليه من حماية الحريات المشروعة، وتحقيق العدالة بين المرأة والرجل، وعدم المساس باللحمة الوطنية وتفهم طبيعة الاختلاف والتنوع بين البشر، داعيا إلى ميثاق عالمي جديد للتعليم يعالج الظواهر السلبية ويقدم مبادرات وبرامج فاعلة، كما دعا إلى تعزيز جهود الاندماج الوطني حول العالم، وتجنّب أي أسلوب من أساليب العنف والعنصرية أو العزلة أو الازدراء، والتأكيد على أن أي تكتل ديني على أساس عرقي أو جغرافي أو سياسي فهو يخص أصحابه ولا يمثل الإسلام. تمويل حذر العيسى من محاولة التسلل إلى المجتمعات عبر التمويل الخارجي؛ داعيا إلى تعزيز الحوار والتعاون بين العائلة الإبراهيمية مع تفهم الاختلافات الدينية وأنها تمثل سنة الحياة. من جهة أخرى، وقعت رابطة العالم الإسلامي اتفاقية باريس للعائلة الإبراهيمية مع جميع المكون الديني الفرنسي الكاثوليكي والأرثوذكسي والبروتستانتي لتكون بذلك أول منظمة إسلامية تجمع ممثلين عن أتباع الأديان الكتابية في وثيقة تعاون واحدة للعمل على المشتركات بينها الموضحة في تفاصيل الاتفاقية. وشددت الجهات الأربع على ضرورة أن تعمل الديانة اليهودية والمسيحية والإسلامية من خلال مظلاتها المؤسسية «المستقلة» على تحقيق مضامين الاتفاقية في سبيل إرساء دعائم عالم يسوده العدل والإخاء. اتفاقية باريس للعائلة الإبراهيمية - توطيد العلاقات البينية - الرفع من مستوى التفاهم المتبادل بين اليهود والمسيحيين والمسلمين - الالتزام التام بمبدأ الحريات والحقوق المشروعة - مواجهة التحديات الأخلاقية