تأتي خطوة إنشاء مجلس التنسيق السعودي البحريني تتويجاً لمراحل من تطور العلاقات التاريخية بين البلدين، التي تسعى إلى مرحلة من التكامل في كافة المجالات، سواء الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية وغيرها، حيث تمتد العلاقات التاريخية بين البلدين منذ الدولة السعودية الأولى عام 1745 وحتى الآن بفضل توجيهات القيادتين، وحرصهما على تفعيل إطر التعاون المشترك سواء في إطار العمل العربي من خلال جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، بتوحيد المواقف السياسية بشأن القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وقضايا الأمن والاستقرار في ربوع الوطن العربي وبخاصة استقرار العراق واليمن وسورية. أيضاً تمتلك الدولتان رؤية مشتركة بشأن قضايا تعزيز دور ومكانة مجلس التعاون لدول الخليج العربية على المستوى الإقليمي والعالمي بما يعزز الدور العربي على المستوى العالمي، وبخاصة في الأممالمتحدة وأجهزتها المختلفة لخدمة القضايا العربية وقضايا العالم الثالث، كما أن القيادة السياسية للبلدين لها دور ورؤية في ترسيخ ترتيبات الأمن الإقليمي الخليجي في ظل التحديات والتهديدات التي تواجهها المنطقة، الناتجة عن جملة من المتغيرات السياسية والأمنية والاقتصادية النابعة من البيئة الدولية والإقليمية والمحلية، والتي باتت تهدد أمن دول الخليج العربية، ويمتلك البلدان موقفا واحداً تجاه قضايا الإقليم السياسية والأمنية ولا سيما في مجالات مكافحة الإرهاب، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. وتناغماً مع توجهات الملك سلمان بن عبد العزيز والملك حمد بن عيسى في استكمال مسيرة التكامل الإستراتيجي على كافة المحاور، فقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطوراً كبيراً تتويجاً للزيارات المتبادلة على مستوى القمة للبلدين، حيث اتفق البلدان في عام 2017 خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى البحرين، خلال الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، على إجراء دراسة لجسر الملك حمد الموازي لجسر الملك فهد الذي يربط المملكتين بتمويل من القطاع الخاص، وبتكلفة حوالي 4 مليارات دولار، الذي سوف يعزز خدمات القطاع اللوجستي للبلدين، وتسهيل انسيابية تبادل البضائع بين الدولتين نتيجة تسهيل الإجراءات الجمركية. وتعد المملكة العربية السعودية الشريك التجاري الأول لمملكة البحرين وتمثل عمقاً إستراتيجياً اقتصادياً للبحرين كونها سوقاً اقتصادية كبيرة أمام القطاع الخاص البحريني، وتمثل البحرين امتداداً للسوق السعودي في ترويج البضائع والمنتجات السعودية، كما أن البحرين بفضل اتباعها لسياسات اقتصادية قائمة على الانفتاح وتنويع مصادر الدخل وسن التشريعات التي تحمي الاستثمار والمستثمرين، استطاعت أن تجذب الكثير من الاستثمارات السعودية إليها لتستحوذ على نصيب الأسد من السوق الاستثماري البحريني، حيث وصل حجم الاستثمارات السعودية في البحرين تقريباً إلى 20 مليار ريال سعودي. وفي مطلع عام 2019م تم التوقيع على اتفاقية التعاون المالي بين حكومتي المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين في إطار تنفيذ الترتيبات الإطارية للتعاون المالي بشأن برنامج التوازن المالي التي وقعتها دول الخليج العربية وصندوق النقد العربي. ويشهد قطاع السياحة نمواً كبيراً بفضل الإجراءات التي يتخذها البلدان فيما يتعلق بالدخول والخروج عبر جسر الملك فهد، ومنها على سبيل المثال تسهيل دخول مواطني الدولتين ببطاقة الهوية فقط، بالإضافة إلى تطوير البحرين قطاعها السياحي، ويزور المملكة حوالي 4 ملايين زائر سنوياً. وعلى المستوى العسكري يمتلك البلدان رؤية موحدة تجاه كل ما يهدد أمن المنطقة والخليج، واستمرار ترقية المشاورات العسكرية من خلال اللقاءات الدورية بين القيادة العسكرية، وتنفيذ المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة، من أجل توحيد المفاهيم العسكرية، وتمتد محاور العلاقات بين البلدين إلى مستويات ومجالات أخرى منها المجال الثقافى، حيث تحظى الدولتان بعلاقات متشعبة وتغطي المجالات الفنية والأدبية والتراثية والإعلامية. *نائب رئيس جمعية المحامين البحرينية