تتعلق أبصار وآذان المصريين جميعا بما سيعلنه الساعة الحادية عشرة صباح الغد، المستشار أحمد رفعت، رئيس محكمة جنايات القاهرة، والمكلف بالنطق في الحكم في أكبر قضية شغلت الرأي العام، والمتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار معاونيه، بتهمة الاشتراك في قتل الثوار ووقائع فساد. وبحسب المراقبين فإن هناك ثلاثة سيناريوهات لإدانة مبارك أولها إثبات الادعاء أن قوات الأمن أطلقت الذخيرة الحية على المتظاهرين، فبذلك قد يحكم عليه بالسجن 10 سنوات حتى لو لم يكن على علم بالأحداث أو لم يعط أمرا بفض المظاهرات. أما السيناريو الثاني وهو أنه إذا أثبت الادعاء أن مبارك علم بعمليات قتل المتظاهرين واستهدافهم بالذخيرة الحية ولم يعط أمرا بوقف القتل فسيكون بذلك مذنبا بالتآمر في جرائم القتل ويواجه بالتالي عقوبة السجن 25 عاما. أما السيناريو الأخير وهو إثبات النيابة أن مبارك أمر بوقف المظاهرات بالقوة وقتل المتظاهرين ففي هذه الحالة يواجه مبارك عقوبة الإعدام، استنادا إلى نصوص القانون المصري التي توجب تطبيق عقوبة الإعدام على كل من قتل شخصا مع سبق الإصرار. وبعيدا عن سيناريوهات الإدانة الثلاثة، يبقى هناك سيناريو حصول مبارك على البراءة وهو السيناريو الذي ترجحه والدة الشهيد خالد عطية بالقول "أتوقع ألا يحصل مبارك أو العادلي أو نجلاه على أحكام رادعة، وإلا كان حصل الضباط المتهمون بقتل الشهداء على أحكام رادعة"، ويعد سيناريو البراءة هو الأكثر خطرا من حيث تداعياته على الشارع السياسي المصري، حيث يعني حصول مبارك على البراءة حسب قول تامر القاضي المتحدث الرسمي باسم اتحاد شباب الثورة، ضرورة العودة إلى ميدان التحرير لتصبح مصر في انتظار ثورة ثانية. ويرى رئيس محكمة جنايات القاهرة، المستشار رفعت السيد، أن العقوبة المتوقعة على مبارك والعادلي ومساعديه في حالة الإدانة تتراوح بين السجن من 3 سنوات إلى 25 سنة، مضيفا أن "أقصى عقوبة على نجلي مبارك، جمال وعلاء، هي 3 سنوات فقط، نظرا لأنهما متهمان في جنحة، مستغلين صفة والدهما"، لكنه أكد أنه في حالة ثبوت تلقيهما رشوة قدمت لأبيهما من خلالهما فالعقوبة تكون للرشوة السجن المشدد". ويضيف السيد أن "النيابة قدمت مبارك ورفاقه بتهمة الاشتراك في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وعقوبة جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار طبقا للمادة 230 عقوبات هي الإعدام"، مشيرا إلى أن "المحكمة غير مقيدة بالقيد والوصف الذي تضفيه النيابة العامة على الواقعة، بل عليها أن تضفي عليها الوصف والقيد الصحيحين، فإن كان من شأنه تشديد العقوبة فلا بد أن تنبه المتهم، أما إذا كان القيد والوصف من شأنه تخفيف العقوبة فإن المحكمة لا تلفت نظر الدفاع". ويربط عبدالغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، بين براءة مبارك وعودة الناس إلى ميدان التحرير مضيا "إذا صدر الحكم ببراءة مبارك فإن ذلك سيغضب الرأي العام المصري وقد تحدث اضطرابات ولا نعرف إلى أين ستتجه". ويربط المراقبون بين الحكم المتوقع صدوره ضد مبارك وبين الانتخابات الرئاسية، حيث يرى الإعلامي حمدي قنديل أن جلسة الحكم على مبارك ستحدد مصير المرشح وان الحكم المشدد على مبارك سيدعم شفيق لأنه سينفي وجود مؤامرة لصالح مبارك. فيما يؤكد مختار العشري، رئيس اللجنة القانونية لجماعة الإخوان المسلمين، احتمالية وجود مخطط لتمرير الفريق أحمد شفيق لكرسي الرئاسة عبر محاكمة مبارك، مضيفا "كل شيء وارد في ظل نظام مبارك الذي لا يزال يحكم متمثلا في المجلس العسكري وحكومة الجنزوري". ويقول النائب البدري فرغلي، عضو مجلس الشعب، في تصريحات إلى "الوطن"، إن "الحكم المنتظر صدوره بحق مبارك سيتضمن إدانة محدودة له عما ارتكبه، ولن يرضي مطالب الشعب المصري ولا الثوار الذين خرجوا إلى الميادين المصرية للمطالبة بإعدام مبارك ورموز حكمه على ما ارتكبوه من جرائم سياسية وجنائية على مدى 30 عاما". ويلتقي مع الفرغلي في تخوفه الدكتور عبدالله الأشعل، أستاذ القانون الدولي، الذي قال ل"الوطن"، إن "الحكم الذي سيصدر لن يرضي الشارع، فالشارع يحتاج إلى حكم قوي رادع، وأعتقد أن يؤدي حصول مبارك على حكم بالبراءة إلى إشعال ثورة ثانية". وقد أعدت وزارة الداخلية بالاشتراك مع القوات المسلحة خطة لتأمين جلسة الغد، وسيتم تشديد الإجراءات في محيط مقر المحكمة التي تستضيفها أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، وسيتم نشر البوابات الإلكترونية واستخدام قوات خاصة لتأمين المحاكمة من الجيش والشرطة.