لم تمض على مظاهر الفرح التي عمت أوساط المتظاهرين أيام قليلة، حتى انبرت الخلافات بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير في شيطان التفاصيل الذي غالباً ما يختبئ في أروقة أي اتفاقات تجمع الفرقاء، فيما نشط الوسطاء مجدداً لرأب الصدع. على الرغم من التفاؤل الذي يعبر عنه الوسيطان الإثيوبي والإفريقي حول مخرجات اللقاءات المستمرة، إلا أن الفرقاء السودانيين لم يتمكنوا من مواصلة التفاوض والاتفاق على تفاصيل صلاحيات مجلس السيادة الذي اتفقوا على أن يضم 11 عضواً مناصفة بين المجلس وقوى المعارضة، زائداً عضواً محايداً. ضغوط المجتمع الدولي ويرى المراقبون أن الضغوط التي يفرضها المجتمع الدولي بما فيه الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لم تفلح في إرغام الفرقاء السودانيين في تجاوز التفاصيل الدقيقة والانتقال إلى تشكيل الحكومة الانتقالية، إذ علق الاتحاد الإفريقي عضوية السودان في المنظمة مؤخراً، بينما اشترط الاتحاد الأوروبي قيام حكومة مدنية لبدء التعامل مع السودان، وتخفيف الديون المفروضة عليه، في حين وعدت الولاياتالمتحدة برفع السودان من الدول الراعية للإرهاب. توقف التفاوض مع مطلع الأسبوع الحالي بعد أن طلبت قوى الحرية والتغيير في السودان والمجلس العسكري الانتقالي بتأجيل آخر للاجتماع المنتظر بحضور الوسيط الإفريقي محمد الحسن ولد لبات المشترك، وسط خلافات بين الجانبين وخلافات أخرى بين مكونات قوى التغيير نفسها لاسيما بعد إعلان الحزب الشيوعي رسمياً رفضه للاتفاق الانتقالي. أزمة مكونات قوى التغيير ويقول محللون سياسيون إن قوى الحرية والتغيير في السودان تواصل اجتماعاتها الأحادية مع مكوناتها المختلفة لدراسة مسودة الإعلان الدستوري حتى يوم أمس، فيما واجهت صعوبات جمة في التوافق في إقناع بعض مكوناتها بمسودة الاتفاق والإعلان الدستوري، في الوقت الذي تحشد فيه المعارضة الميدانية لقاءاتها وندواتها بالعاصمة والأقاليم للتعريف بالاتفاق بين الطرفين. ويرجع المراقبون أن المعضلة الأساسية في الاتفاق على المسودة، تكمن في الخلافات الحادة التي تجتاح مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير التي تضم أكثر من 50 حزباً وتجمعاً مهنياً، تحمل كل واحدة من هذه المكونات رؤى واتجاهات، تعرقل مسيرة التفاوض، في حين يبدو المجلس العسكري متفقاً فيما يصدر من الوسطاء والمبعوثين. الحوافز الأميركية ويراهن المراقبون على الجولة الثانية التي يقوم بها المبعوث الأميركي الخاص للسودان دونالد بوث الذي يزور الخرطوم حالياً، ويجري لقاءات بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى الحرية والتغيير، خصوصاً بعدما عبر المبعوث عن تفاؤله بقرب تحقيق السودانيين لأحلامهم بتشكيل حكومه بقيادة مدنية ورئيس وزراء مستقل، وقدم بما يشبه الحوافز للطرفين أن الولاياتالمتحدة مهتمة وملتزمة بمساعدة السودانيين في الوصول لاتفاق بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية، وأنها تريد أن ترى السودان قد تجاوز المرحلة الحالية. أبرز الخلافات وكشف مراقبون محليون أبرز الخلافات بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير غير المعلنة، مؤكدين أن أبرزها ما يتعلق بالمجلس السيادي وصلاحياته إلى جانب مطالبة قوى التغيير بتكوين البرلمان في فترة تمتد بين خمسة وأربعين يوماً وثلاثة أشهر، بينما يرى المجلس العسكري بأفضلية عدم تحديد قيد زمني، إضافة إلى تعيينات القضاة والنائب العام، وحق الاعتراض على الأسماء المطروحة وتغييرها، وكذلك استمرار الولاة العسكريين في مناصبهم، وصلاحيات المجلس التشريعي «البرلمان» وغيرها.