كشفت دراسات مؤخرا عن تفشي ظاهرة الاحتراق النفسي بين مقدمي الرعاية الصحية، الأمر الذي جعل المسؤولين في ذات القطاع يتجهون إلى طريقة التعاطف مع المرضى، فبعد فحص أكثر من 1000 ملخص علمي و250 دراسة بحثية، توصل الباحثون بأنه عندما يخصص مقدمو الرعاية الصحية بعض الوقت، كي يقوموا بإجراء التواصل البشري من أجل المساعدة في إنهاء المعاناة، فإن التعاطف يمنع الاحتراق النفسي لدى الطبيب، ويحسن نتائج المريض ويقلل من التكاليف الطبية، وذلك وفقا لموقع «npr.org». الاحتراق الوظيفي أفادت المدربة المعتمدة في المجال الطبي والإكلينيكي إيمان الطريقي أن الاحتراق الوظيفي ينتج عن تعرض الطبيب أو الممرض لضغط كبير في العمل إما نتيجة لحجم العمل والساعات التي يقضيها لرعاية المرضى، والتي غالبا ما تكون على حساب حياته الشخصية، وأيضا طبيعة العمل وضرورة الالتزام بمعايير عالية الجودة لتفادي الأخطاء المُحتملة، والتي قد تعرض حياة المرضى للخطر، وهذا بدوره يضع على عاتق الفريق الطبي ضغوطا إضافية، وذكر الباحث في مجال التطور الطبي النفسي عبدالله السفيري أن الاحتراق الوظيفي يشكل أحد أهم المسببات لتراجع التطور المهني لدى الأطباء، مما دفع كثيرا من الأطباء في الدول الأجنبية إلى الانتحار أو التقاعد المبكر من العمل، مبينا أن الأطباء بعد انتشار تلك الظاهرة اتجهوا بالفعل إلى توظيف شعور التعاطف الإنساني مع حالة المريض بشكل صادق لامتصاص ظاهرة الإرهاق والضغوطات الكبيرة على مهنته، وذلك لهدف تجاوز شعور الانطفاء وعدم القدرة على ممارسة العمل بكل متعة وشغف. 40 ثانية أوضحت الطريقي أن التعاطف وإشعار الطبيب بمسؤوليته اتجاه المرضى والمجتمع له أثر إيجابي على الطبيب والمريض على حد سواء، ويعزز من التواصل الذي يسهم في تحقيق نتائج إيجابية للرعاية الصحية، ولكن لا يكفي لتجاوز المشكلة المتعلقة بالاحتراق الوظيفي، ويلزم لتخطي ذلك التركيز على الجوانب التي تعزز ارتباط الطبيب بمهنته، وما تقدمه له هذه المهنة من شعور بالإنجاز وتحقيق للذات والنمو المهني، فالتعاطف له أثر كبير جدا في بناء الثقة بين مقدم الرعاية والمريض، والتي تعد عنصرا هاما جدا لتحقيق مخرجات إيجابية للرعاية الصحية، حيث إن الرعاية الصحية الفعالة تتطلب الشمولية في مفهوم الرعاية، والتي تأخذ بعين الاعتبار الجانب الطبي والنفسي والاجتماعي معا، مبينة: أن «التعاطف لا يتطلب دائما قضاء وقتا أطول بل يتطلب تغيير في أسلوب تقديم الرعاية وإشعار المريض بأنه محور الرعاية الصحية وأنه محل اهتمام وانتباه الفريق المعالج». التعرض للضغوط أضاف ترزياك «تحذر مدارس الطب عادة الأطباء من ألا يتقربوا كثيرا من المرضى، لأن التعرض الزائد لمعاناة البشر قد تؤدي إلى الإرهاق والتعب، ولكن يبدو أن العكس صحيحا، إذ كشفت الأدلة بأن التواصل مع المرضى يجعل الأطباء أكثر سعادة ورضى»، ويتمنى ترزياك ومازاريلي بأن حججهم المدعومة بالأدلة ستحفز مدارس الطب على جعل التعاطف جزءا من مناهجها، وبالنسبة لهؤلاء الذين هم خارج نظام الرعاية الصحية، فإن التصرف بتعاطف قد يكون نوعا من العلاج كذلك، كما قال الباحثون، واستشهدوا بظاهرة «نشوة المساعد»، وهي الشعور الجيد الذي يأتي مع مساعدة الآخرين، وتفسر كيف أن إعطاء الآخرين يفيد أدمغة المعطين وأجهزتهم العصبية. فوائد تعاطف الأطباء مع المرضى - تقليل التكاليف الطبية - تحسن نتائج المريض - يقلل الألم ويحسن من التشافي - يقلل ضغط الدم - تخفيف الاكتئاب والقلق - تراجع مستوى التوتر - تقليل الوقت المهدر فوائد التعاطف أبان الدكتور ستيفين ترزياك متخصص في الرعاية المركزة ورئيس الطب في الرعاية الصحية بجامعة «Cooper» في كامدن، ومديره الدكتور أنتوني مازاريلي، في كتابهما الجديد، Compassionomics: The Revolutionary Scientific Evidence that Caring Makes a Difference، دراسة توضح فوائد التعاطف، وكيف بالإمكان تعلمه، واستشهد بإحدى الدراسات أنه عندما يتلقى المريض رسالة من التعاطف والطيبة والدعم التي استمرت ل40 ثانية، فإن مستوى القلق والتوتر عنده يتراجع بشكل كبير.