يبالغ بعض الآباء والأمهات كثيرا في الإعلان عن هدية نجاح أبنائهم وبناتهم ويقطعون على أنفسهم الوعود والعهود، ولكن أحيانا توقعهم تلك الوعود في مواقف لايحسدون عليها، فمنهم من يفي بوعده، ومنهم من لا يبالي بما قطعه على نفسه، ويبدي عدد كبير من الآباء حيرتهم في اختيار نوع الهدية التي يجب أن يكافئوا بها أبناءهم، خصوصا بعد ظهور نتائج الامتحانات الإيجابية. البعض يرى أن قيمة الهدية لها مدلولها الكبير في نفوس الأبناء، ويعتقدون أنها تعبر عن حبهم الكبير لأبنائهم، ومنهم من يرى ضرورة توخي الحيطة والحذر في اختيار نوع الهدية، والبعض الثالث يجد نفسه عاجزا عن توفير تلك الهدية لمبالغته في حجمها. وتتنوع هدايا النجاح مابين سيارات فارهة ودراجات نارية وأجهزة كمبيوتر محمولة، بالإضافة الى اشتراك في الإنترنت، وبعض أجهزة الجوال الحديثة وأجهزة البلاي ستيشن، ومابين وعود وعهود بالسفر إلى بلدان أخرى. يقول حسن بن يحيى الحازمي "قررت شراء سيارة هدية لأقدمها لابني المجتهد والذي وعدته بها حال تخرجه من المرحلة الثانوية، ولعل ثقتي بابني اكبر أسباب اختياري لنوع هدية كهذه"، مشيرا إلى أنه لوكان ابنه يدرس في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة لكان من أشد المعارضين في اختيار هدية كهذه، واختار له هدية تناسب سنه. وأوضحت فاطمة بنت اسماعيل وهي أم لأربعة اطفال أنها تدقق في نوع الهدية، وليس ذلك فحسب، وإنما تتابع أبناءها عند لعبهم بها، تقول "أراعي كثيرا في اختياري لنوع الهدية التي أنوي تقديمها لأبنائي، وخصوصا أن أبنائي يعشقون لعبة البلاستيشن بحكم صغر سنهم، وأتوخى الحذر كثيرا في اختيار الأفلام والأشرطة التي يعكفون في الجلوس عليها لبضع ساعات، وذلك لتأثيرها الكبير على شخصياتهم، فأنا أخشى كثيرا من تلك الأفكار الدخيلة التي تحملها تلك الأشرطة، وما تتضمنه من سلوكيات منافية للأداب، ولذا لا أغفل عن متابعتهم ولو لحظة". أما عبد الرحمن بن علي احمد فقال "وعدت أبنائي بالسفر بهم إلى أحد البلدان المجاورة إذا اجتازوا امتحاناتهم النهائية بنجاح، وهاأنا الآن على أبواب الإجازة الصيفية، ولم أتمكن من توفير مصاريف السفر إلى خارج المملكة، مما أوقعني في حرج كبير مع أبنائي، وقد تعجلت في قطعي ومغامرتي بذلك الوعد الذي يحتاج إلى مصاريف تفوق وضعي المادي، وكان ذلك من باب التشجيع وحث الهمم، ولم أكن أبالي بأن ذلك الوعد سيكون قي ذاكرتهم طيلة فترة الامتحانات، وكم تمنيت لو اخترت هدية تناسب وضعي المادي" وقال مدير إدارة التربية والتعليم للبنين والبنات بمحافظة صبيا إبراهيم بن محمد الحازمي إنه "يتوجب على الآباء والأمهات مراعاة المرحلة العمرية في اختيار نوع الهدية التي ستكون عنوانا لشخصية أبنائهم، بل هي بمثابة الشخصية الحقيقية لأبنائهم". وشدد الحازمي على "عدم الاستسلام للعواطف، والمجازفة بإحضار هدية قد تجسد فرحة مؤقتة فقط، ولكن يكون لها آثار سلبية، مشيرا إلى أن الجميع يحبون أبناءهم، ولا يعني تقديمهم لهدية متواضعة عدم محبتهم لأبنائهم". وقال الحازمي إن "على أولياء الأمور متابعة أبنائهم بعد إحضار الهدية، خصوصا اذا كان نوع الهدية سلاحا ذا حدين، كإهداء الأجهزة المحمولة، وإشراكهم في الإنترنت، بل يجب توعيتهم، وفي نفس الوقت لانغفل جانب زرع الثقة في هؤلاء الأبناء الذين هم عماد مستقبلنا". وقالت المرشدة الطلابية بمدرسة السليل الابتدائية سعدية بنت حسين العامري إنه "يجب على الأمهات التدقيق عند اختيارهن لنوع هدية بناتهن، بعيدا عن العواطف، وعدم الانجراف لتلك العواطف التي عادة ما تنسيهن خطورة وشكل نوع الهدية". وأوضح المشرف التربوي بوحدة الخدمات الإرشادية بتعليم صبيا حسن بن صديق الصم بأن "على الآباء والأمهات مراعاة الحالة النفسية لأبنائهم، وذلك بإبعادهم عن الضغوط النفسية، وشحن أبنائهم بتلك الوعود، فجميل أن أقدم هدية بمناسبة نجاح ابني أو ابنتي، ولكن الأجمل من ذلك هو مراعاة حالة ابني من حيث الفروق الفردية بينه وبين أقرانه من الطلاب، وتقبل ما يحققه من نتائج، مع اهتمامي بزرع الثقة فيه بأنه مخلص في جده واجتهاده، فقد أطالب ابني بمنافسة أحد زملائه حيث لا يستطيع الابن تحقيق ذلك، مما يعود عليه بنتائج نفسية سلبية تؤثر حتما على مستواه الدراسي، وتهز ثقته بنفسة، بالاضافة الى أن ذلك الإخفاق سيكون عنوانا للفشل". وأضاف الصم بأن على الآباء والأمهات التأكد من مقدرتهم واستطاعتهم في توفر قيمة الهدية قبل الإعلان عنها، وعدم وعد أبنائهم بهدايا لم يبيتوا النية من الأصل في شرائها، لأن ذلك سيهز ثقة ابنائهم بهم في السنوات القادمة، وحتي في حياتهم الاجتماعية، وكافة المراحل العمرية.