الإدارة المحلية تمثل حجر الزاوية في تسريع وتحسين نوعية النمو الاقتصادي لأي بلد، ويعزى ذلك إلى قدرتها، أي الإدارة المحلية، على تكييف السياسات الاقتصادية المركزية مع الظروف المحلية، لوجود اختلاف بين المدن والمناطق عن بعضها من حيث السمات الاقتصادية والمكانية والبنية التحتية والموارد البشرية. هنا تكمن أهمية المواءمة المحلية مع السياسات العليا في تهيئة الظروف الاستثمارية المحلية، وتحفيز العمل المشترك الاستثماري المستدام بين القطاعين العام والخاص بما ذلك اكتشاف فرص استثمار محلي نوعي جديد يرفع من الناتج المحلي للمناطق. يمكننا الاستدلال على كيف أن الإدارة المحلية الفاعلة للمناطق والمحافظات والمدن قادرة على تعزيز المزايا التنافسية المكانية والاقتصادية والمساهمة في نقل السياسات الاقتصادية العليا إلى الواقع بما في ذلك تحسين النمو الاقتصادي الإقليمي وتوثيق التواصل مع أصحاب المصلحة المحليين. وكواحد من الشواهد الوطنية، وفي هذا السياق، أوصى منتدى الأحساء 2023 باعتمادها، أي الأحساء، مركزا للخدمات اللوجستية. وقاد مخرجات تلك التوصية الاستراتيجية الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء رئيس اللجنة العليا للمنتدى. وبالفعل ومن منظور اقتصادي، وجود الأحساء الجغرافي بين منطقة الخليج العربي والمدن الداخلية السعودية يمثل عنصرا تنافسيا مكانيا يجعل الأحساء تعمل على الارتباط بخطة المملكة للتحول إلى مركز استراتيجي عالمي. إضافة إلى ما سبق، تمتاز منطقة الأحساء بميزات تنافسية في الصناعات النفطية والغاز والزراعة والمياه والسياحة، -على سبيل المثال- حقل الجافورة، ومدينة الملك سلمان للطاقة، محركات نمو اقتصادي بالتكامل مع المشاريع والمبادرات الاقتصادية الأخرى، لكن نتائج وتوصيات منتدى الأحساء 2023، أعتقد أنها أخذت منطقة الأحساء إلى مستوى جديد، وهو اقتصاد المستقبل في مجال الخدمات اللوجستية والصناعات الغذائية والمغذيات والصناعات الحيوية والطبية والصناعات التحويلية الأخرى ذات القيمة العالية، بحسب توصيات المنتدى. وألفت النظر إلى أن نجاح منطقة الأحساء في رسم اتجاهاتها الاقتصادية الاستراتيجية واحد من مؤشرات نجاح الإدارة المحلية في البعد الاقتصادي، في إطار تحقيق مستهدفات رؤية 2030. أخيرا، الإدارة المحلية الفاعلة لها دور في نجاح السياسات الاقتصادية المركزية الوطنية على أرض الواقع، فضلا عن دورها في جذب استثمارات نوعية وتكوين ظروف مثالية وإقناع المستثمرين وزيادة الوعي الاستثماري وإدارة هوية المنطقة المكانية والاقتصادية والثقافية بما يتوافق مع الصورة الوطنية الكلية، ثم إن ظهور أي منطقة إدارية على خريطة الاستثمار الوطني والتكامل مع برامج رؤية 2030 أو ما بعد الرؤية، يعتمد على سلسلة معقدة من السياسات الرأسية والأفقية ونحن -بفضل الله- في الاقتصاد السعودي نعمل على تشكيل إدارة اقتصادية تكاملية ستصل في نهاية المطاف إلى ديناميكية اقتصادية تحفز جميع المناطق على المشاركة الاقتصادية الإقليمية الفاعلة، والإدارة المحلية واحدة من تلك الممكنات الأساسية للوصول، ولا سيما في مجال تهيئة البيئة الاستثمارية والمكانية، وتذليل أي مصاعب مع الجهات الحكومية ذات العلاقة تنظيميا، وتنفيذ الاتجاهات الاستراتيجية الوطنية. نقلا عن الاقتصادية