على مدار التاريخ، كانت مصر مكان العرب، إذ تذكرنا «رحلات الحج القادمة من المغرب العربى - تونس والجزائر والمغرب»، التى كانت تجتمع فى مصر قبل سفرها للحجاز. ونصفهم يتعب فى رحلة السفر، فيقيم فى مصر، والنصف الآخر إلا القليل منهم يتعب فى رحلة العودة، فيقيم فى مصر، أصبح هناك على أرضنا مغاربة يملأون الأسواق ويعملون فى كل مكان. أما أهل الحجاز فمعظمهم يقيم فى مصر، والقبائل العربية التى هاجرت قبل وبعد الإسلام من الجزيرة العربية، وفى أوقات الجفاف ونقص المياه، وجدت لنفسها مكانا فى مصر. فى الصعيد وفى مطروح قبائل العرب، تقيم، أما أهل الشام «فلسطين وسوريا ولبنان» فهم من أقاموا صناعة الحلوى فى مصر، وكل بيوت الحلوانية أصلها شام، وصاحبة ماركة كبرى، حتى بيوت الصحافة: الأهرام ودار الهلال وروزاليوسف، أهلها لبنانيون أو شوام. وبلاد الرافدين العراق، يقيمون فى مصر، وعندما سقطت الدولة الحديثة بفعل الحروب هاجر العراقيون إلى مصر، وعندما احتل صدام الكويت، كانت القاهرة تتحدث «كويتى» وارجعوا إلى التاريخ. والآن السوريون موجودون فى كل مكان، ويعملون فى مصر، مثلهم مثل الخليجيين، يقيمون فى بلدنا ومزارعهم و«مولاتهم» ملء السمع والبصر، لا تفرقة بينهم وبين المصريين. وهكذا فى كل مراحل التاريخ، مصر هى أم العرب جميعا، السودانيون بالملايين فى شوارعنا، وكذلك الليبيون. ليست العمالة المصرية فقط، المدرسون والأطباء المصريون المنتشرون فى كل ربوع العرب، يبنون ويعملون. مصر تعرف معنى العروبة الحقيقى عندما يذهب المصريون لبناء دولهم الوطنية، كما تعرفها عندما يأتون إليها عقب سقوط الدولة الوطنية. العروبة الجديدة التى نبحث عنها هى التى ترجمتها الجماهير عندما خرجت فى قطر تشجع اللاعبين العرب، ليثبتوا وجودهم فى ملاعب الكرة، على أمل أن يثبتوا وجودهم على كل المسارح العالمية فى الإنتاج والاقتصاد والسياسة والالتصاق بالنهضة العالمية، والتطور نحو أن يكونوا جزءا مؤثرا فى مسار الحياة. الهوية العربية الجامعة لشعوبنا، لا يمكن إنكارها، ليس باللغة أو الدين فقط، لكن بالمشاعر القوية التى تظهر وقت الأزمات والشدة. إنها الروح العربية التى لا يمكن تجاهلها للأحداث أو عبر التاريخ عندما ترنو مصر نحو العرب، فهى تتجه نحو نفسها، وعندما يتجه العرب نحو مصر، فهم يحمون أنفسهم، مصر هى القوة وهى الملاذ على مر التاريخ. كما أن من يعيشون فيها، هم العرب الذين تجمعوا من كل أرجاء المنطقة، الممتدة من المحيط الأطلسى غربا، حتى الخليج العربى شرقا. من بحر العرب جنوبا حتى تركيا والبحر المتوسط شمالا، منطقتنا كانت صورتها فى نهاية عام 2022، مشرقة للعالم، سواء فى شرم الشيخ عندما اجتمع العالم فيها فى "كوب 27»، أم فى قطر عندما جاء العالم ليلعب كرة القدم فى مونديال قطر 2022، حدث جمع العرب وأعاد إظهار العروبة وثقافتها بروح جديدة، وكل العرب يجتمعون بروح الشعوب وبمشاعر قديمة تكونت عبر التاريخ، وبلغة سامية، هى لغة القرآن الكريم التى جمعت الناس، وصنعت عروبة وصنعت الشرق الذى يعيش فيه، وسوف تثبت للعالم من جديد مثلما بزغ فيها وفى منطقتنا كل الأديان السماوية، اليهودية والمسيحية والإسلام، أن روح الشرق الحالية والعروبة الجديدة هى التى سوف تصنع السلام لعالمها ولمنطقتها، برغم تكالب الأعداء على العروبة. نقلا عن بوابة الاهرام المصرية