إن التفاعل والاتصال سمة إنسانية منذ قديم الزمان وقد تعددت وسائل الاتصال قديمًا وظهر الإعلام التقليدي وهو «الإعلام القديم أو الإعلام الموروث والذي يقصد به وسائل الاتصال والتعبير التقليدية التي كانت موجودة قبل ظهور الإعلام الجديد عبر الإنترنت» وكان سابقًا له جمهور كبير وكانت شعبيته عالية جدًا نظرًا لعدم وجود منافس له، حيث تنقسم وسائل الإعلام إلى وسائل مطبوعة مثل الصحف والمجلات والكتب ووسائل مرئية ومسموعة مثل التلفزيون والإذاعة، وكانت هذه الوسائل تعتمد على الاتجاه الأحادي فقط، وذلك يعني أن الجمهور كان متلقيًا للأخبار والمعلومات والبيانات ولا يستطيع أي فرد التعبير عن رأيه الشخصي أو التعليق على أي موضوع يقرؤه أو يسمعه، ومع التطور التكنولوجي الكبير ظهرت وسائل الإعلام الجديد كمصطلح واسع النطاق في الجزء الأخير من القرن العشرين ليشمل دمج وسائل الإعلام التقليدية مثل الأفلام والصور والموسيقى والكلمة المنطوقة والمطبوعة، مع القدرة التفاعلية للكمبيوتر وتكنولوجيا الاتصالات، وتطبيقات الثورة العلمية التي شهدها مجال الاتصال والإعلام ويمكن تعريفه بأنه «مصطلح حديث يتضاد مع الإعلام التقليدي، كون الإعلام الجديد لم يعد فيه نخبة متحكمة أو قادة إعلاميين، بل أصبح متاحًا لجميع شرائح المجتمع ويمكن للأفراد الدخول فيه واستخدامه والاستفادة منه طالما أجادوا أدواته» وأسهم في توفير الفرصة للجماهير للتعبير عن آرائهم وأفكارهم ومعتقداتهم وساعد القائم بالاتصال على معرفة التغذية الراجعة، ويُذكر أن أساس الإعلام الجديد هو الإنترنت الذي حصل على شعبية عالية وتخطى كل وسائل الإعلام الأخرى بسبب سرعته في النشر وتقنياته الرقمية العالية، ونشير أيضًا إلى أهم وسائل الإعلام الجديد مثل وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني والكتب الإلكترونية ومقاطع الفيديو الرقمية وجميع هذه الوسائل تتميز بالتفاعلية بحيث يمكن تبادل الحوارات بين القائم بالاتصال والمتلقي وتكون عملية الاتصال ثنائية الاتجاه وليست أحادية الاتجاه مثل الإعلام التقليدي، وتتميز هذه الوسائل أيضًا بعدم وجوب الالتزام بالزمان والمكان بحيث يستطيع أي فرد كتابة رأيه والتعليق على ما يشاهده بسهولة وسرعة، وبإمكان أي فردٍ من التخزين وحفظ الرسائل الاتصالية واسترجاعها وقت حاجته إليها، ومن هذا القبيل نشير إلى أن الإعلام الجديد أقوى من الإعلام التقليدي لأنه أيضًا ينتج الحتوى بوقته الحقيقي، فالفورية هي القيمة الأهم وقدرة الوسيلة الإعلامية على تحديث محتواها بشكل مستمر من فيديوهات وصور وآخر الأخبار، وأصبحت وسائل الإعلام الجديد أكثر انتشارًا من وسائل الإعلام التقليدي وتوجد منافسة قوية بينهما، وهناك أرقامٌ تؤكد زيادة مستخدمي وسائل الإعلام الجديد وقلة مستخدمي وسائل الإعلام التقليدي، ويستطيع القائم بالاتصال الذي يستخدم وسائل الإعلام الجديدة تقييم جودة إعلاناته أو معرفة عدد قرّاء مقالاته أو عدد زوّار موقعه الإلكتروني وهذا غير متوفر في وسائل الإعلام التقليدية، وننوه بأنه على الرغم من التطور الذي شهدته تكنولوجيا الإعلام الجديد إلا أنها لم تلغِ وسائل الاتصال القديمة إلغاءً نهائيًا ولكن أسهمت في تطوير هذه الوسائل التقليدية مثل بعض الصحف التي تحوّلت إلى صحف إلكترونية حتى تواكب ثورة التطور التكنولوجي ولكن هذه الصحف لم تلغِ طريقتها التقليدية بل استمرت بإصدار نسخ ورقية، ومن هذا المنطلق نشير إلى أن الإعلام الجديد لم يستطع إلغاء الإعلام التقليدي بشكل نهائي ولا يزال له جمهور يفضله ويستخدمه. ** ** - ماجستير في الإعلام تخصص العلاقات العامة - عضو هيئة التدريس بقسم العلوم المالية والإدارية (الكلية التطبيقية) بجامعة أم القرى . نقلا عن الجزيرة