لم يتبادر إلى ذهني وأنا أكتب مقال الأسبوع الماضي «استثمارات الطاقة الشمسية في الخليج» عزم المملكة تنفيذ مشروع طموح لإنتاج 200 غيغاواط من الطاقة الشمسية. فأهداف رؤية المملكة 2030 نصت على إنتاج ما يقرب من 9.5 غيغا؛ وهو حجم كبير لصناعة حديثة؛ وبالمقارنة بإنتاج بعض الدول المتقدمة. فاجأ سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ الجميع بتوقيعه مذكرة تفاهم مع «سوفت بنك» لإنشاء أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم لإنتاج 200 غيغاواط في السعودية بقيمة إجمالية تصل إلى 200 مليار دولار أميركي؛ والبدء في إنشاء المشروع فوراً لينجز بحلول العام 2030. كنا نطمح؛ إلى وقت قريب؛ بالتوسع التدريجي في إنتاج الطاقة الشمسية لتوفير ما يقرب من 20 في المائة من مجمل الطاقة الكهربائية المنتجة؛ فأصبحنا أمام أكبر المشروعات العالمية التي ستضع المملكة في صدارة المنتجين للطاقة الشمسية؛ لا بهدف استهلاكها، بل تصديرها للخارج. أعود بالذاكرة إلى إطلاق رؤية المملكة 2030 وتأكيد الأمير محمد بن سلمان على أهمية الانعتاق التدريجي من إيرادات النفط؛ الذي قد يواجه بمتغيِّرات مستقبلية تضعف من أهميته؛ ووجوب إيجاد بدائل إستراتيجية للدخل الحكومي. لم تكن تلك التصريحات موجهه للاستهلاك الإعلامي، بل تم تحويلها إلى برامج عملية كان من بينها الشراكة الإستراتيجية التي قادها ولي العهد مع صندوق سوفت بنك والتي أثمرت عن مشروعات مهمة يمكن اعتبارها النواة الحقيقية لقطاعات اقتصادية جديدة في المملكة. فمشروع توليد 200 غيغاواط من الطاقة الشمسية؛ أحد تلك المشروعات الضخمة؛ والتي ستعزِّز مكانة المملكة في قطاع الطاقة؛ وتجعلها مصدره للطاقة الشمسية بالإضافة إلى صادراتها النفطية. تحرك إستراتيجي متوافق مع المتغيِّرات العالمية؛ والتقنية؛ والاحتياجات الوطنية. تمتلك المملكة مقومات صناعة الطاقة الشمسية؛ من أجوائها المشمسة؛ واحتضان أراضيها لمادة «السليكا» المادة الأساسية في صناعة الألواح الشمسية؛ إضافة إلى التقنية وملاءتها المالية القادرة على تنفيذ مشروعات ضخمة بالشراكة مع شركائها العالميين الذين يثقون في قدراتها ورؤية ولي العهد. من المتوقع أن يخلق المشروع ما يقرب من 100 ألف وظيفة؛ وأن يخلق قطاعاً صناعياً جديداً مرتبطاً بالطاقة الشمسية ومنها صناعة الألواح الشمسية؛ والتوربينات والأجزاء المهمة لمحطات الطاقة. وأن يسهم في خفض استهلاك النفط والغاز محلياً؛ وخفض الانبعاثات الضارة، حيث يسهم المشروع في توليد الطاقة النظيفة. إضافة إلى ذلك فالمشروع الطموح سيسهم في خلق إيرادات مجزية لخزينة الدولة وعوائد مهمة لصندوق الاستثمارات العامة؛ وسيكون بديلاً إستراتيجياً لإيرادات النفط مستقبلاً؛ أو كما وصفه المستشار في الديوان الملكي الأستاذ سعود القحطاني ب «النفط السعودي الجديد». توفر مدخلات صناعة الطاقة الشمسية محلياً سيسهم في خفض تكاليف الإنتاج وسيحفز المستثمرين من خلال ما ستقدمه الحكومة من دعم للمشروع يتمثّل في توفير مادة «السليكا» مجاناً؛ إضافة إلى بعض المحفزات المهمة. وكما نجحت المملكة في تحفيز المستثمرين في قطاع البتروكيماويات لخلق الصناعة الثانية بعد النفط؛ فهي تمضي قدماً في تحفيز صناعة الطاقة الشمسية؛ ودعمها والدخول في شراكات عالمية لإنجاحها. ما زلت أؤكد على أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ يعيد صياغة مستقبل المملكة إستراتيجياً؛ ويعيد تشكيل اقتصادها ويسعى في تأمين مواردها المستدامة؛ وفق رؤية إستراتيجية أسأل الله أن يباركها وأن يوفّقه ويلهمه فيها سبل الرشاد. نقلا عن الرياض