شهد الاسبوع الماضي عديدا من المواجهات بين رجال من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين فئات من المجتمع السعودي, ولعل ما يحدث من نقاش حاد في وسائل التواصل حاليا حول تلك المواجهات يؤكد أن المواجهة لم تعد مع أفراد وحسب وإنما تحولت لتصفية حسابات مختلفةقد تشمل أي فرد بالمجتمع يتخلف معهم بالفكر. ما شدني ثلاثة مواجهات: الأولى : فتاة النخيل مول, والتي تمت مطاردتها حتى ستر الله عليها وهربت, وحتى اللحظة لا أعلم ما حل بها ولا السبب الذي جعل من رجل هيئة يقول : "أنا أحرص منها عليك" في الفيديو المنتشر وهو يشدها إلى جسده موجها خطابه لأحد الأشخاص الذي ينتقده على هذا الفعل. السؤال : ما هو سبب الذي يستدعي ملاحقة الفتاة وتلك المعاملة الفجة ولما لم يتم إصدار أي بيان من الهيئة حتى الآن؟. الثانية : صحفي قدم استقالته وحارس أمن استقال أيضا ورجع إلى أهله في وادي الدواسر بعد أن قاما بكشف حقيقة الفيديو المنتشر في وسائل التواصل الاجتماعية وأن الشخص الذي ركل الفتاة ليس بأخيها. السؤال : ما هي الضغوط التي أدت لتقديم الصحفي استقالته؟ وماهي الضغوط أيضا التي أدت لاستقالة حارس الأمن؟. الثالثة : وكما يقلون الثالثة ثابتة .. وهي تعرض الإعلامي علي العلياني, للتصوير بوضع يخالف أنظمة وقوانين الدولة, ونشر الفيديو بوسائل التواصل الاجتماعي كنوع من تشويه السمعة. السؤال : هل يوجد طرف ثالث له مصلحة من ذلك ؟ ننتظر أيضا بيان رسمي من الهيئة. ومن ناحية قانونية لا أزيد على ما قاله الدكتور عيسى الغيث قاضي الاستئناف السابق وعضو مجلس الشورى لصحيفة «عكاظ» : ("أن جهاز الهيئة ارتكب مخالفات لثلاثة أنظمة للدولة وهي؛ النظام الأساسي للحكم بانتهاك الهيئة لحرمة المنازل، ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام الجرائم المعلوماتية، وأن المحكمة التي تنظر هذه الجرائم كافة هي المحكمة الجزائية، مؤكدا أن نظام الجرائم المعلوماتية في مادته الثالثة نص على أنه "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يعمل على المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حكمها، والعقوبة ذاتها لكل من عمل على التشهير بالآخرين، أو إلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة"). أن الحالات الثلاث من وجهة نظري, هي مشكلة فكر إداري بحت, فالإدارة التي تتبعها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي إدارة مركزية مع تفويض الصلاحيات كاملة للمراكز, لأن ما حصل ليس له تفسيرا أخر فكل مركز من مراكز الهيئة المنتشرة يديره أفراد بصلاحيات تتجاوز حتى صلاحيات مراكز الشرطة وذلك بمداهمة المنازل وتفتيشها دون أذن أو التربص أو التشهير.. ألخ. في الحقيقة مرت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعصر ذهبي واحد ولكن لم يكتمل وهو عصر رئيسها السابقالشيخعبداللطيفآلالشيخ وأعتقد أن فضيلته كان يعلم المشكلة بالضبط وهي مشكلة فكر إداري بحت وسارع لمعالجة ما يمكن معالجته خلال فترته القصيرة عندما تولى زمام إدارة الهيئة, ولكن هو أيضا كان يعاني من لوبي مقاوم للأسلوب الإداري الجديد, حيث كان يعمل على التطوير الإداري للجهاز كمؤسسة من مؤسسات الدولة لا كمؤسسة يستغل أفرادها سلطاتهم في القبض والمداهمة والتربص والخروج عن أهدافها المشروعة التي أنشئت من أجلها. في النهاية أما أن تصدر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيانا توضيحيا عن كل ما حدث بشفافية,وأما تعترف بوجود خلل في الإدارة, وتعالج المشكلة وتدير أزمتها المتفاقمة بين أفرادها والمجتمع التي قد تحتاج لإعادة هيكلة تنظيمية كاملة. بهذا أكتفي ..