ركَّز الإِسلام على كل ما يحقِّق الحيَاة الكريمة , و العَيش الرَّغيد للفرد و المجتمع في كافة الميادين, فقد حث على التكافل الاجتماعي , و هو سِمة ٌمن سِمات الدِّين البارزة , كي يتحقق التوازن الاجتماعي بين فئات المجتمع, و ذلك بمشاركة كل إنسان المجتمع ماديًّا عن طريق الوَقْف والصدَقات أو معنويًّا من خِلال : التوجيه و النّصح و التعليم , و يُساعِد الآخرين بِما يستطيع , كي تعُود الآثار الطّيِّبة على المجتمع, فتنتشر المحَبة , و يزيد المجتمع تماسكًا , و يقْوى ترابطًا , و تقِل المشاكل الاجتماعية و العقَبات المادية و المعنوية . فالدِّين الإسلامي قد اهتم بكافة فِئات المجتمع المسلم كالوالدَين و الأيتام و ذوِي الأرحام و الفقراء و المساكين و الجار و كِبار السِّن و الأرامل, قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) 36, النساء. و من أنواع التكافل الاجتماعي : التكافل الأسريُّ فقد أكَّد الإسلام على التكافل بَين أفراد الأسْرة ,كي يَحفظ الأسرة من التفكّك والضَّياع،قال صلى الله عليه وسلم : (كُلّكم راع ٍوكلكم مسؤولٌ عن رعيته ، والأمير راع ٍ ، والرجل راع ٍعلى أهل بيته ، والمرأة راعية ٌعلى بيت زوجها ووَلَده ، فكلكم راع وكلكم مسؤولٌ عن رَعيَّته ) رواه البُخاري . وإن الإنسان جزءٌ من المجتمع المسلم , يتأثَّر بالمجتمع , و يُؤثر عليه , و قد شبَّه الرسول صلى الله عليه و سلم المؤمنين بالجسَد الواحد المتماسك الذي يتأثر بأعضائه , قال صلى الله عليه و سلم : ( مثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمَثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسهَر ) متفق عليه .و قد وصَف الدين المؤمنين بكثير من السجَايا الطّيِّبة التي ميَّزتهم بالترابط الاجتماعي دُون سائر المخلوقات, و الذي يكُون عاملاً رئيسًا في نشْر المحبَّة و التراحُم بين المسلمين , قال تعالى: ( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ) 21, الرعد . و حذَّر الله عباده من السلوكيات السيئة مثل: قطيعة الأرحام, و الحسَد و الغِيبة و النَّميمة, و التي ينجُم عنها العداوة و البغضاء في المجتمع, فتُقطِّع الأوصال, و تُشتِّت الأرحام, فالإسلام عالَج القضايا الاجتماعية معالجة ًرائدة ًابتغاء الأجْر و الثواب و تفريج كُرُبات المسلمين. لذلك ينبغي على المسلمين تكاتف الجُهود, و اتباع السبل السليمة التي تحقق الترابط الاجتماعي كعقْد اللقاءات , و تبادُل الزِيارات التي يتخللها برامج تربوية ٌنافعة ٌتجمع ما بين العلْم و التوعية والدين والثقافة , كي تساهم في غرْس رُوح التعاون الطيِّب والتنافس المحمود بين فئات المجتمع , و المشاركة بالآراء و الأفكار الهادفة .