عندما كتبت عن قطاع الإنشاءات والمقاولات وطالبت بأهمية تحليل هذا القطاع ومعرفة أسراره وغوره ومعرفة من يديره وأين تذهب أمواله ولماذا تتأخر مشروعاتنا وتتعثر وتنفذ بأعلى الأسعار وأقل المواصفات، وأين العنصر السعودي الحقيقي في هذا القطاع، ولماذا يغيب عن فرص العمل الحقيقية ومن يتحكم في ذلك؟ وبعد كل هذا الطرح والتحليل للوصول إلى إجابات واقعية وحقيقية من داخل قطاع الإنشاءات والمقاولات، وعمل - كما يقول الأطباء - كل التحاليل والأشعة لمعرفة المشكلة حتى نصل إلى الحل الذي يضمن قطاعا سعوديا ذا منتج عالي الجودة وبأسعار مقبولة وبعائد اقتصادي واجتماعي على الوطن ككل ويشمل خيره كل مواطن وكل أسرة وكل شارع وكل حارة وكل مدينة وقرية، بما يضمن وصول الخير لكل إنسان ومكان في السعودية أولاً ثم محيطنا الخليجي ثم العربي والإسلامي ثم العالم جمع من خلال بناء شركات إنشاءات ومقاولات سعودية بالمال والرجال ثم المعدات - إن شاء الله. بعد هذا التصور الواقعي الممكن لقطاع الإنشاءات والمقاولات وبعد تخليصه من كل الشوائب والمعوقات والفيروسات التي تؤثر فيه وتؤدي إلى تأخره وعدم قدرته على استيعاب أبناء الوطن، بعد ذلك يمكن أن نضمن له ما يلي: أولاً إعطاء فرصة لكل مهندس وإداري وفني وعامل سعودي لأخذ نصيبه الكامل لإثبات نفسه في حسن العمل في هذا القطاع، وهذه الفرصة تشمل كل أبناء المملكة من الجنسين بما يتفق وقدرات وإمكانات كل منهم وفقاً للرؤية الوطنية الاجتماعية الدينية المتفق عليها، وهذه الفرصة من الأعمال التي ستتاح لأبناء الوطن ستفتح بابا يفوق كل ما يتصوره المعنيون بالبناء الإنساني والموارد البشرية من فرص عمل وفي كل المستويات والتخصصات، كما أنها فرص ذات طابع مستدام لإنشاء قطاع الإنشاءات والمقاولات مثل قطاع الأغذية والتغذية لا يمكن الاستغناء عنه في كل الأحوال، كما أنه قطاع يتطلب بعد الإنشاء والتعمير الصيانة والترميم، وهو عمل مستمر ومطلوب لضمان ديمومة التنمية وضمان بقاء المباني والمنشآت في حالة ممتازة مع تقدمها في العمر عكس ما نراه اليوم في كثير من منشآتنا التي تفقد بريقها وتماسكها بعد أعوام بسيطة ربما لا تتعدى في بعض الأحيان عدد أصابع اليد الواحدة السليمة. ثانياً إن إعطاء الفرصة لسعودة حقيقية لقطاع المقاولات والإنشاءات وتعهد هذه السعودة بالتدريب والتأهيل والتقويم والمحاسبة سينقلنا إلى منتج جديد، وهو بقاء أموال استثمار وإنشاء هذه المشروعات ضمن الوطن بدل الهجرة الجماعية الحالية لرؤوس أموال تنفذ هذه المشروعات من خلال المنفذ الأجنبي ومقاولي الباطن وباطن الباطن إلى مقاول الباطل، وبقاء هذه الأموال ضمن الوطن يضمن لها دورات اقتصادية عالية ينال خيرها كل مواطن في وطننا الغالي. ثالثاً ضمان بقاء الأموال يقود إلى ضمان انتقال الأعمال الثانوية والمقاولات الصغيرة ومقاولي الباطن إلى شركات ومؤسسات سعودية تضمن الفرصة للكفاءات الأقل والأيدي الأرخص الفرصة للعمل وتحقيق عائد اقتصادي مقبول يضمن الحياة الكريمة المستدامة ويضمن لها فرص عمل في مدنها ومحافظاتها ومراكزها بدل الهجرة للمدن الرئيسة ومكابدة عناء الهجرة والسفر وارتفاع الحياة المعيشية، ويخفف أيضا عن المدن الرئيسة التضخم السكاني غير المرغوب فيه. رابعاً مع دعم الشركات الكبيرة وضمان فرص العمل للشركات والمؤسسات السعودية المتوسطة والصغيرة وبقاء المال المستثمر في مشروعاتنا وإنشاءاتنا في الوطن سيدعم قطاع إنتاج قطع الغيار ومواد البناء المطلوبة لمختلف المشروعات ويزيد الطلب عليها، ما يساعد على رفع الجودة وضمان حسن العمل بدل ما هو حاصل اليوم من هجرة لأموال مشروعاتنا للخارج لشراء مواد البناء وقطع الغيار وغيرها، مما يدفع به المقاول الأجنبي للشراء من بلده أو من بلدان له فيها الكثير من الشركاء والمصالح، وهو ما يؤكده الوضع الراهن لسوق الإنشاءات والمقاولات في السعودية، وخير دليل على ذلك وجود كل المواد والأنظمة البنائية التنفيذية في منشآتنا. إن التحول الحقيقي لقطاع الإنشاءات والمقاولات للأيدي السعودية المدربة وضمان تنفيذ كل المشروعات من خلالها وما يرتبط بالمشروعات من مقاولين رئيسيين ومقاولي باطن ومواد بناء وقطع غيار سيوجد قطاعا سعوديا حقيقيا ذا منتج عالي الجودة ومستدام الاستخدام واستثمار لعوائد تلك المشروعات ضمن الحلقة الاستثمارية والاقتصادية الوطنية بما يفيد الجميع ويعود على الوطن والمواطنين بكل خير. ولي عودة – إن شاء الله - للإجابة عن الكثير من الاستفسارات والمداخلات حول هذا الموضوع. جعل الله الخير والتوفيق في كل من يعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد، وعالمي الطموح. نقلا عن الاقتصادية