هل يمكن لأحد منا أن يتخيل كيف يعيش إنسان بأقل من ألفي ريال في الشهر؟ نعم هناك أعداد كبيرة من المتقاعدين تصارع من أجل البقاء براتب تقاعدي يقل عن ألفي ريال وهو مبلغ زهيد لا يفي بأبسط متطلبات الحياة. ويزداد الأمر سوءا عندما يكون هذا الإنسان هرما أو أرملة يصارعان الأمراض براتب نصفه يذهب للعاملة التي تخدمهما وما تبقى لا يغطي تكلفة الطعام لمدة عشرة أيام ولا يغطي فاتورة الدواء. أما عن بقية المتطلبات الضرورية للمعيشة فلا يحلم بها أحد من هؤلاء لأن تحقيقها هو ضرب من الخيال! أمام هذه الحالة ترى هل يمكن لأي مسؤول ساهم في وضع نظام معاشات التقاعد أن يتخيل ولو للحظة واحدة كيف يعيش براتب لا يغطي راتب سائقه الخاص؟ لا بد أن نعترف أن المتقاعدين ذوي الرواتب المنخفضة يعيشون في مأساة. ومن المؤكد أن مأساتهم كانت مرشحة لتصبح مستديمة عندما رفض أعضاء مجلس الشورى جعل الحد الأدنى للراتب التقاعدي 3000 ريال لو لم يغير المجلس توصيته فجأة في اليوم الثاني. صحيح أن المجلس أوصى برفع الحد الأدنى إلى 4000 ريال إلا أن تضارب آراء أعضاء المجلس لا يطمئن بأن المأساة سوف تحل بصورة دائمة. فقد ترك المجلس انطباعا بأن أعضاء الشورى لا يفكرون في هموم الناس وهو أمر طبيعي يشعرون به وولد لديهم أكثر من سؤال. فهل غيَّر المجلس رأيه نتيجة ضغط نفسي من ردة الفعل؟ أم أنه فعلاً رفض التوصية لأنه كان لديه مقترح آخر مجدول في اليوم الثاني؟ أنا شخصيا سوف أصدق المجلس في روايته خاصة بعدما سمعته من تأكيد عضو المجلس الأستاذ حمد القاضي في برنامج يا هلا بوجود مقترح أفضل. لكن أليس غريبا أن يضع أي مجلس مقترحين مختلفين لموضوع واحد في جلستين متتاليتين؟ لكن المؤكد لدى الناس أن بيان المجلس لم يقل أن لديه مقترحا أفضل سوف يدرسه في اليوم التالي! بكل تأكيد، إن أي مسؤول ساهم في وضع نظام التقاعد يعجز عن تخيل الحالة المعيشية للمتقاعد الذي (تطير فلوسه) بعد أسبوع من صرفها وهو عجز ينطبق على أعضاء مجلس الشورى فهم لا يمكنهم مجرد تخيل كيف يعيش المتقاعد بأقل من ألفي ريال. أمام عجز تصور ارتفاع تكاليف المعيشة، لا يمكن تحسين ورفع الحد الأدنى بأربعة أو خمسة آلاف ريال إذا لم نعدل نظام التقاعد نفسه من خلال احتساب عامل التضخم ليصبح مقياسا يجعل الزيادة مضمونة ومستمرة تراعي ارتفاع مستوى المعيشة وزيادة الأسعار. فأسعار السلع اليوم تزيد عن 50% عما كانت عليه قبل أربع سنوات وبالتالي سوف تقل فائدة أي زيادة في الحد الأدنى لأن القيمة الشرائية للأربعة آلاف ريال سوف تصبح خلال خمس سنوات ثلاثة آلاف ريال. نقلا عن الوطن السعودية