تظهر المناطق الخربة والمتدهورة بشكل واضح وجلي، لزوار غالبية مدن العالم الثالث، وهي تزدحم بالأسر الفقيرة المقيمة في مساكن سيئة؛ من أكواخ الصفيح، أو ما يشابهها من المساكن غير الآمنة، وغير الصحية، والمكتظة بشكل كبير. وفي أغلب الحالات تقام في مستوطنات غير قانونية، تم احتلال أرضها بوضع اليد، وإقامة أكواخها دون رخص بناء نظامية. ويعيش ثلث السكان في الكثير من مدن العالم الثالث في أكواخ أو بيوت أو في غرف مستأجرة ذات جودة متردية وفي الغالب دون مرافق أو خدمات. وبسبب الافتقار لمرافق التخلص من الفضلات في تلك المستوطنات غير القانونية يشيع انتشار النفايات المتعفنة، والمخلفات البشرية، والحشرات والقوارض. وغالباً ما يعاني الفقراء الذين يعيشون في هذه الأحياء كثرة التعرض للأمراض الناتجة عن الغبار، والروائح الكريهة، والتلوث الكيماوي، والضجيج، وغيرها من الملوثات. كما يوجد أيضاً عشرات الآلاف من الناس المحرومين من المأوى في بعض مدن العالم الثالث؛ لذا تجدهم يفترشون الأرصفة وزوايا الأبنية، أو الحدائق العامة، أو تحت الجسور والأنفاق ليناموا فيها. ويتطلب تحسين الظروف المعيشية للفقراء وتوفير السكن لهم عملاً متكاملاً، تشترك فيه الحكومات مع مؤسسات القطاع الخاص. ونسبة لأهمية الموضوع فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1987 سنة دولية لإيواء من لا مأوى لهم، ويهدف الإعلان إلى إيجاد حلول جديدة لتوفير المأوى للأسر الفقيرة على نطاق العالم. ونتيجة لذلك ظهرت العديد من المؤسسات والوكالات العالمية منها والمحلية التي تعمل على إعداد خطط عملية للرفع من المستوى المعيشي والاجتماعي للأسر الفقيرة في كثير من دول العالم، وتوفير المأوى الصحي الملائم لها. ويظهر بالنظر في هذه التجارب والمقارنة بينها أنها تشترك في عدد من البرامج التي ساهمت في تحسين أوضاع الكثير من الأسر الفقيرة وتوفير المسكن لهم، وتتلخص هذه البرامج فيما يلي: برامج التمويل والاستثمار التي تهدف إلى تحفيز السكان على الادخار، ودعم المجتمع المحلي لإدارة مدخرات المستفيدين والقروض، وتوفير التمويل للقروض، وتأمين استثمار الدول في مشروعات الخدمات الاجتماعية والاقتصادية لتنمية الأسر. برامج استثمار طاقات المجتمع وتطوير خبراته التي تهدف إلى استثمار قدرات المستفيدين، ومهارة السكان، وتطوير المساكن، وتأسيس الشركات المحلية، وتقوية حوافز المجتمع للعمل التطوعي، والبحث في تطوير الخبرات التعاونية، واستحداث الحلول لتطوير البرامج الحضرية التقليدية. برامج تطوير البنية الأساسية والخدمات والمباني والساحات العامة التي تعمل على تشجيع الأسر لإضافة جزء من مواردهم إلى الاستثمار في مشروعات الإسكان، والمرافق الأساسية (مثل شبكة خدمات المياه)، وتطوير مراكز خدمة المجتمع والحي السكني. البرامج الاجتماعية التي تهدف إلى تقوية دور المنظمات المحلية، ودعم برامج تبادل الآراء مع المستفيدين لتوفير الأرض والمأوى لهم، وإشراكهم في اتخاذ القرارات، وتطوير وتشجيع قادة المجتمع لتمثيل أعضائه، ونقل رغباتهم إلى السلطات المختصة، والتواصل مع المسؤولين المحليين. وقد تبين أن تطوير هذا النوع من العلاقات غير الرسمية بين الأسر المستفيدة والمسؤولين الحكوميين يكون مثمرا وأكثر إيجابية من القنوات الرسمية في أغلب الأحيان. نقلا عنالاقتصادية