بعد حضور خبراء التطوير اللغوي والتقني في الدول العربية لمؤتمر ''المحتوى العربي على الإنترنت'' الذي أقيم في رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض في بداية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وبعد ختامه بتوصيات ذات تطلعات أكاديمية وعلمية وصناعية واجتماعية وجدت أن قدوم موسم الحج قد يكون مناسبة جيدة نستفيد منها في مشروع زيادة المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت. هذه المناسبة تأتي كل عام مرة وهي شكل من أشكال التواصل الاجتماعي والترابط البشري، إضافة إلى ما تستفيد منه المؤسسات المدنية والعسكرية في توفير كل ما يسهل للحاج أداء نسكه في يسر وسهولة. ولكي يتم استغلال المناسبة في عدة مجالات فإن نشر الدعوة واللغة العربية والسلوك والأخلاق الإسلامية في أداء الفرائض باستخدام الإنترنت وتقنية الاتصالات أصبحت في متناول أيدينا ويمكن لنا أن ننجح في ذلك لأن هذا الموسم يتيح لنا المراجعة وإعادة التجربة كل عام، وبالتالي يمكن أن نكون في كل مرة أفضل. إن حركة الإفتاء لأداء الفريضة كما أمر الله ورسوله في مثل هذه الأيام كما نعلم ومنذ عقود مضت تتضاعف من أيام عيد الفطر المبارك وحتى منتصف شهر ذي الحجة أي أكثر من 70 يوما إجمالا. كما أن أعداد الضيوف من غير المتحدثين باللغة العربية في ازدياد طالما أنهم قادمون من دول شرق جنوب آسيوية أو غير عربية من قارات أخرى. أما بالنسبة لمواقع وجود الحجاج في المنطقة من مكةالمكرمة إلى المشاعر المقدسة ثم المدينةالمنورة، فهي حقا مساحات ومسافات تقام فيها نسك تستدعي الاستفادة منها في كيفية تنفيذ الاستراتيجية على نحو يحقق إنجازات أكبر في وقت قصير. من ناحية أخرى وضع هدف في استراتيجية نشر المعرفة وزيادة المحتوى العربي على الإنترنت يعنى بتطوير مهارات التواصل بين الأفراد فيه الكثير من بعد النظر وحسبي أن هذا التجمع مقياس لتطوير مهارات التواصل. فلا تقتصر صناعة المحتوى العربي على جهة بعينها دون الجهات الأخرى ولا أفراد عن آخرين ولا عمر ولا جنسية ولا موقع بسبب الطبيعة التكاملية والجماعية لهذه الصناعة. لذلك فإن وجود أكثر من 150 جنسية تتحدث مئات اللغات تؤدي فريضة واحدة في وقت واحد وفي منطقة معينة، لا بد أنه حدث يستحق التفكير في كيفية الاستفادة منه لمصلحة الأمة، ومن ثم الاستفادة منه في خطط ذات فائدة عظيمة مثل نشر استخدام اللغة العربية ''لغة القرآن''. في موسم الحج الفرصة سانحة لكثير من الشباب والشابات أن يجدوا لهم مكانا يظهرون فيه إمكاناتهم من خلال الترجمة والإرشاد والتنظيم والنقل والتموين والتنظيف والتصميم والبناء وحتى المساعدة في إجراء المسوحات والدراسات والأبحاث. وسواء كان ذلك بصفة مؤقتة أم دائمة فإن توفير هذه الفرص للشباب سيكون فتحا لمجالات جديدة للعمل سنويا من أجل موسم مؤقت. شركات ومؤسسات غربية الآن تهدد اللغة بعرض خدماتها بمقابل مادي للتعريب أو الترجمة أو احتواء اللغة في منصات الترجمة كخدمة تقدمها للعرب الراغبين في إنشاء مواقع أو الإعلان عن منتج خاص بهم. ولكن إذا ما نظرنا للمنتج الفكري نجد أنه يعتمد على غير محترفين لافتقاده معايير الضبط التي تحكم كيفية نقل صورة ما بطريقة صحيحة علميا ولغويا، وهو ما تحاول مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تصحيحه في استراتيجيتها. لذلك يمكن وضع معايير مرتبطة بالأهداف ومن ثم تشجيع شركات الاتصالات على تعزيز الاستثمارات في المحتوى الرقمي العربي والبدء من هذا الموسم في تكثيف الحملة لنشر اللغة العربية تمهيدا للمراجعة على مدار العام لغويا وصحيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، ومن ثم نكون في رمضان القادم جاهزين لخوض التجربة بإمكانات وقدرات أفضل. هذا ينقلنا إلى إطلاق حملة توعوية لحث المؤسسات العربية كافة ومن ضمنها (بالطبع) الجامعات ومراكز البحوث ومجامع اللغة والأندية الثقافية المحلية والأفراد للاهتمام بجودة اللغة والتقليل ما أمكن من استخدام اللهجات العامية في المدونات والمواقع المختلفة لحماية اللغة من الاندثار والتجزئة. لذلك فإتاحة مبدأ تكافؤ الفرص في النفاذ إلى المعلومات على مدار الساعة وتخصيص منطقة المشاعر المقدسة بتقديم خدمات الواي فاي أو إرسال رسائل البلوتوث الإرشادية أو التوعوية الصوتية كانت أو النصية وغيرها. وضبط إتاحة المعلومات من خلال البوابات الرسمية والمواقع الموثقة، والتوسع في إضافة اللغات الحية إلى قائمة اللغات الحية كتعدد لغوي وتنوع ثقافي يكرس للغة العربية وجودا بينها، والحرص على تكامل عمل الجهات المختلفة والأفراد؛ كل ذلك يمكن أن يجعل هذا الموسم مؤشرا من مؤشرات تقدم العمل في استراتيجية زيادة المحتوى العربي على الإنترنت. فهل تواصلت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مع جامعة أم القرى معقل أبحاث الحج في هذا الخصوص؟ تقبل الله من الحجاج حجهم وأعادهم إلى بلدانهم غانمين الأجر سالمين. نقلا عن الاقتصادية