أولا: الأحداث التي شهدتها بلدة العوامية في محافظة القطيف والتي تعرض خلالها أفراد أجهزة الأمن ومركز الشرطة فيها إلى اعتداء مسلح وجرح من جرائه 11 فردا من جهاز الأمن ومعهم 3 من المواطنين كانت محل إدانة واستنكار من قبل مجمل سكان المحافظة، وبما في ذلك علماؤها ووجهاؤها ومثقفوها. فمن قام بالعمل الأرعن والمقامر والمغامر الذي من شأنه توسيع التوتر والاحتقان والشقاق وتقديم خدمة مجانية للمتشددين (سنة وشيعة) ومؤججي الفتنة بين مكونات المجتمع والوطن الواحد. وقد قال تعالى: «والفتنة أشد من القتل» فهل هناك خطر يفوق الفتنة الطائفية ؟. ثانيا: التطرف والعنف والإرهاب ليس لصيقا بقومية وجنس ودين وطائفة أو مذهب بعينه، حيث نجد تجلياته قديما وحديثا، في كافة الأمم والقوميات والأديان السماوية والأرضية وتفرعاتها المذهبية، كما نجده لدى معتنقي الأفكار الوضعية/ العلمانية في الغرب وغيره على حد سواء. وبالتالي يتعين حصر ما جرى في العوامية باعتباره حدثا استثنائيا ومعزولا من قبل شبان مغرر بهم، وليس ظاهرة عامة، تسم العوامية أو مدن وبلدات محافظة القطيف، وبالتالي فإن ما جرى يقع ضمن مهام عمل الجهات الأمنية والقضائية في المملكة. وللتاريخ فإن منطقة القطيف موغلة في القدم (6000 سنة) وسكانها من العرب الأقحاح، وينتمون إلى قبائل عربية عريقة (بكر بن وائل وعبد القيس) مقيمة منذ آلاف السنين، أو قبائل عربية وافدة من أصقاع نجد والحجاز والجنوب. المعروف تاريخيا بأن القطيف قد دخلت سلما لا حربا (بخلاف العديد من المناطق) تحت لواء الحكم السعودي في عهد القائد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود (رحمه الله) في عام 1913م. وقد تصدى الملك عبد العزيز لقوى الجمود والتعصب والتخلف، التي ناصبته العداء، لأنها لم ترغب أو لم تستطع استيعاب متطلبات واحتياجات الدولة الفتية في ترسيخ أقدامها، واحترام اتفاقياتها مع سكان المناطق المختلفة التي انضمت إلى الكيان الجديد، والتقيد بمعاهداتها مع الدول المجاورة والأجنبية، ناهيك عن ضرورة مواءمة الشريعة مع معطيات العصر والحياة المدنية، وبأنه لا تناقض بين الأصالة والمعاصرة، وبين القديم والجديد، أو بين المحلي والوافد. نذكر هنا بمبادرة الملك المصلح عبد الله بن عبد العزيز في إطلاق الحوار الوطني بين الأطياف والمكونات الاجتماعية والمذهبية والثقافية في بلادنا كافة، والأمر ذاته ينسحب على حوار المذاهب والأديان، وذلك بهدف خلق بيئة صحية يسودها التسامح والقبول بالتعددية وبالآخر المختلف. كما نستذكر قول ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز لدى زيارته الأخيرة للقطيف بأنها منبع الخير. بعد هذا كله هل نتخيل أن القطيف أو الشيعة عموما في المملكة بتاريخهم العريق وارتباطهم التاريخي القديم بالكيان الوطني المشترك، يقبلون أن يكونوا مطية أو معبرا لأي أجنبي أو طامع مهما كان جنسه، عرقه، دينه، ومذهبه.. أيها المتطرفون (شيعة وسنة)، اتقوا الله في وطنكم ومجتمعكم وإياكم واللعب بالنار، فالمثل يقول عود ثقاب من شأنه إشعال الغابة. لابد من التصدي بقوة لمشعلي الحرائق الطائفية التي لن تبقي أو تذر، ولنأخذ العبرة بما حدث ويحدث في بلدان أخرى مثل السودان والعراق ولبنان ومصر واليمن وسوريا والبحرين وباكستان وأفغانستان، وغيرها من البلدان التي عاشت أو تعيش احترابا وصراعات أثنية ودينية ومذهبية أكلت الأخضر واليابس وعرضت أوطانها لخطر التمزق والانقسام .. . نقلا عن عكاظ