قال الشيخ عبدالمحسن العبيكان في تصريح منشور نقلا عن حوار إذاعي، إن عقوبات نظام «ساهر» المروري فيها تجاوزات وعليها ملاحظات كثيرة، وشكك في النظام وأهدافه، واتهم سيارات «ساهر» بأنها أول من يخالف بالوقوف على الأرصفة أو بطريقة غير نظامية في الشوارع، وفهمت من كلامه أنه يعتبر «ساهر» نظام جباية، وهو قلل أو لم يعول على الإحصاءات الرسمية الأخيرة وتأكيدها انخفاض نسبة وفيات الحوادث إلى النصف تقريبا بعد تطبيق النظام، واعتبر أنها لا تعني شيئا، وحذر من أن استمرار النظام بوضعه الحالي قد يؤدي إلى عواقب لا تسر، خصوصا بين أوساط الشباب، مطالبا في نفس الوقت بإعفاء جميع السائقين من المخالفات المسجلة ضدهم. والشيخ العبيكان صاحب خط معتدل وأحيانا متسامح جدا في بعض القضايا الخلافية، وله رأي مشهور في الصيام وأنه لا يكون إلا بعد الآذان بسبع عشرة دقيقة، وهذا الرأي تحديدا واجه معارضة واسعة من أسماء دينية مهمة في السعودية، أبرزها سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ. نظام ساهر بالتأكيد ليس مثاليا، وتوجد فيه أخطاء تحتاج إلى مراجعة وتعديل، والنظام حسب كلام العبيكان لم يعرض على مجلس الشورى السعودي، ولا أدري إذا كان قد مر بفترة اختبار قبل التطبيق، فالعادة في الدول الغربية مثلا، أن تخضع الأنظمة وبالذات المرتبطة منها بمصالح الناس مباشرة، إلى مرحلة تجريبية تعالج فيها السلبيات، وما قيل تم في ضريبة الزحمة أو «الكونجستشن تشارج» البريطانية، والضريبة أقرت أولا كإجراء نظامي لفك الاختناقات المرورية داخل العاصمة لندن، وتحفيز الناس بطريقة مؤدبة ومدروسة على استخدام النقل العام بدل السيارات الشخصية، ومن ثم تم التوسع في تطبيقه وشموله مناطق جديدة، والنظام البريطاني لا يختلف مبدئيا في موضوع مضاعفة المبالغ المستحقة ما لم تدفع في مواعيد محددة، وكان إقراره بمثابة حل إجرائي لمشكلة صعبة تعاني منها المدن البريطانية الكبيرة في أوقات الذروة، أو في الصباح والمساء، وفي أوقات دخول وخروج الموظفين، ونظام «ساهر» في المقابل، قام أساسا لعلاج الارتفاع الحاد في نسبة الحوادث المرورية، وربما وضع في حساباته أن السعودية تعتبر الأولى عالميا، في الإصابات والوفيات نتيجة لحوادث الطرق، وهذه النسبة المفزعة كانت تنتظر فعلا حلا صعبا ومؤلما يتعامل مع المشكلة من جذورها، ومجرد الاعتراض والرفض، أو المطالبات العامة والمبهمة بإعادة الهيكلة، ودون تقديم بدائل مقنعة قد يفاقم الأمور ولن يخدم أحدا، ومن سيتضرر من إلغاء النظام هم الشباب المعترضون قبل غيرهم، والنظام يستهدفهم أولا، ومن إيجابياته غياب المطاردات الماراثونية بين المرور والمخالفين، مع ما قد ينتج عنها من كوارث، والالتزام النسبي بالسرعة المسموح بها في الشارع. الشيخ العبيكان له مؤيدون من المشايخ، ومن هؤلاء الشيخ عادل الكلباني، الذي وصف نظام «ساهر» بالمقامرة في كلمات قصيرة سجلها في مواقع الإعلام الاجتماعي، وأنه أقرب إلى الخمر والميسر والعمل التجاري البحت، وتكلم عن تجربة خاصة شاهد فيها كاميرا مموهة ل «ساهر» أخذت شكل «برميل زبالة» حسب وصفه، وانتقد عدم وجود تحذيرات تفيد بأن الطريق مراقب، كما هو الحال في معظم دول العالم، وطبقا للكلباني فقد سجل ساهر مخالفة عليه، وشهادته في هذه الحالة مجروحة ولا تقبل بحكم وجود مصلحة واضحة في الاعتراض، ولو كان العبيكان من المخالفين فلا ينظر في رأيه مع كامل الاحترام والتقدير للشيخين الكريمين ونظام ساهر له صيغتان: الأولى كاميرات ثابتة في أماكن محددة ومعروفة بكثرة المخالفات، والثانية كاميرات متحركة ومحمولة في سيارت منتشرة بصورة عشوائية في الشوارع، وتلجأ إلى عنصر المفاجأة في الضبط، وتقوم الكاميرات بتصوير اللوحة الأمامية والخلفية للسيارة وصورة السائق، وقراءة معلومات الملاك بواسطة شريحة إلكترونية موجودة في اللوحة، وبعدها ترسل المخالفة عن طريق الموبايل، والعبيكان أجاب على سؤال من أحد المستمعين في البرنامج الإذاعي المذكور، تناول النقطة السابقة، ودار حول التقاط صور لمن بداخل السيارة، واحتمال تصوير النساء وهن كاشفات، وجاء في رده أن الأمر خطير وغير مقبول، ولم ينتبه إلى أن الكاميرا لا تصور إلا السائق وحده، إلا إذا افترضنا أن المرأة نفسها تقود السيارة، والمسألة الثانية ما زالت في دائرة الأخذ والرد، ولم يحدد المشرع موقفه الحاسم والنهائي منها، رغم أن عمرها تجاوز الواحد والعشرين سنة. الاحتقان من نظام «ساهر» موجود ومشاهد، وهناك أشخاص لا يرتكبون المخالفات إلا أمام الكاميرات، في محاولة لتسجيل موقف معارض، ووصلت القضية إلى حد تكسير مجموعة من الكاميرات المثبتة في التقاطعات والشوارع، ولعل السيناريو الأسهل والأقرب للتنفيذ، هو استمرار النظام مع إدخال تعديلات مستمرة عليه وبالتدريج، ولا بد أن تؤخذ كل الآراء بعين الاعتبار، ولو كنت في موقع مسؤولية لاقترحت توجيه إنذارات قبل الغرامة في المخالفات البسيطة، ومن الأدب وإحسان الظن بالناس إبلاغهم بأن الطريق مراقب، ومن يخالف بعد ذلك يتحمل العقوبة وبلا رحمة، وأيضا إجراء استطلاع في كل المناطق، للوقوف على رأي السائقين وتحفظاتهم واقتراحاتهم.. نقلا عن غكاظ