ارتفعت أول من أمس بدمشق أعلام الدولة السورية جنبا إلى جنب مع أعلام حزب الله الإيراني احتفالا بما سمي ذكرى تولي بشار الأسد منصب الرئاسة، فهل يعقل أن يتلحف نظام دولة بعلم حزب طائفي يسكن زعيمه في أحد الأقبية ببيروت؟ أن يهب النظام الإيراني لمساعدة حليفه الأسد بمليارات الدولارات ليحميه من السقوط، فهذا أمر مفهوم، وإن كان غير مقبول، حيث إننا أمام نظام إيراني قمعي وطائفي يفزع لنظام سوري قمعي وطائفي مثله، لكن أن يصل الأمر إلى أن يبتهج النظام السوري بدعم حزب الله له، فهذا أمر غير معقول، بل هو دليل على الطائفية، والإفلاس. وقد يقول البعض إن رفع علم حزب الله الإيراني في دمشق جنبا إلى جنب مع العلم السوري ما هو إلا رمزية عن تحالف المقاومة والممانعة، لكن هذه الشعارات أكل الدهر عليها وشرب، وثبت زيفها، حيث لم يمانع نظام دمشق، ولم يقاوم. فعندما مانع نظام دمشق اتضح أن ممانعته الوحيدة التي قام بها كانت هي الممانعة في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كيف لا وسوريا هي آخر المعترفين العرب بالدولة الفلسطينية، ورقم 118 دوليا، أي أنها جاءت حتى بعد بعض الدول الأوروبية، فلم يعترف نظام الأسد بالدولة الفلسطينية إلا قبل خمسة أيام! أما الحديث عن المقاومة، فإن نظام دمشق لم يطلق رصاصة واحدة طوال عقود من أجل تحرير الجولان المحتل من قبل إسرائيل، فقوات النظام السوري مشغولة تجوب المدن السورية لقمع المواطنين العزل، وقتلهم، فقط لأنهم طالبوا بحريتهم! بل الأدهى والأَمَر أن نظام الأسد يتلحف علم حزب الله الإيراني اليوم، وبحضور فنانين لبنانيين، في الوقت الذي بات فيه أربعة من قيادات حزب الله مطلوبين للمحكمة الدولية بسبب اغتيال الراحل رفيق الحريري؟ حزب الله نفسه الذي استخدم سلاحه ضد سنة بيروت يوم احتلها، مثل ما يحتل اليوم لبنان كله ليس بقوة السلاح الإيراني وحسب، بل ومن خلال حكومة شكلها حسن نصر الله؟ بالطبع اللوم ليس على النظام السوري وحده، فمن يفعل بشعبه ما يفعله نظام دمشق اليوم لا يمكن أن نستغرب منه تلحفه بعلم حزب الله، لكن اللوم يقع على كثير من الدول العربية، ومثقفيها وإعلامها، وأكثر، الذين تقبلوا، ومنذ مدة ليست بالبعيدة، فكرة أن تتلحف دولة ما بعلم حزب عميل لإيران، فهل هناك تفتيت، وإفشال، لمشروع الدولة في العالم العربي أكثر من هذا؟ فعندما تنزل الدولة إلى مستوى الأحزاب، بل قل الميليشيات المسلحة، فما الذي يبقى للدولة، ومفهومها، ومفهوم رجال الدولة؟ ولذا سبق أن انتقدنا من قبل بعض المسؤولين العرب، ومعهم الأتراك، الذين ارتضوا لقاء حسن نصر الله بعد أن تم تغطية أعينهم ليؤخذوا إلى مقره، بينما ذهب نصر الله بنفسه للسفارة الإيرانية بلبنان للقاء أحمدي نجاد! للأسف، كثير بيننا مسؤولون عن إفشال مشروع الدولة، ومفهوم رجال الدولة. وبالطبع من بينهم النظام السوري، وكل من يتعاطف معه! نقلا عن الشرق الاوسط السعودية