المرأة السعودية واقعة بين ضغطين، ضغط خاص وضغط عام، أما الضغط الخاص فهو هذه القضية المثارة الآن، وهي قضية خداع الشباب للفتيات والإيقاع بهن إلى حد ممارسة الرذيلة، ما يتسبب في مصائب اجتماعية كثيرة، وهي قضية خطيرة، يصفها البعض بأنها مشكلة كبيرة، ويصفها الآخر بأنها ظاهرة، ولست مع الذين يصفونها بأنها ظاهرة، وإلا كان المجتمع السعودي وهو مجتمع مسلم له عاداته وتقاليده الأخلاقية قد وصل إلى حد التفسخ والانهيار.. ودعونا من كونها مشكلة أو ظاهرة، فالمهم هو البحث عن أسبابها.. ذلك لأن معرفة الأسباب هي أول الطريق للتغلب على المشكلة. ولعل غياب الوعي والثقافة المجتمعية يقف في مقدمة الأسباب، فالفتاة التي تتمتع بالوعي، من الصعب.. إن لم يكن من المستحيل.. وقوعها في هذه الهوة السوداء، ولن تخدعها ألاعيب الشباب، مع عدم الوعي يأتي غياب الرقابة الأسرية، وغياب لغة الحوار بين أفراد الأسرة، وذلك يعود لانشغال الآباء بمصالحهم الخاصة، وهم يتصورون أن كل شيء تمام.. فلا يعطون وقتاً كافياً للحوار مع أفراد الأسرة. وهذا في النهاية يؤدي إلى ضعف العلاقات الأسرية، ما يدفع الفتاة - أو الشاب - إلى البحث عن طرف آخر من خارج الأسرة ليحاوره، أيضاً وقت الفراغ الكبير الذي هو المفسدة الكبرى، فلو وجد الشباب من الجنسين ما يملأ فراغهم ويستثمر طاقاتهم ما وجدوا مجالاً لارتكاب هذه الرذائل. هناك انتشار العنوسة وارتفاع سن الزواج، يغلف ذلك كله ضعف الوازع الديني، لقد ترك الآباء والأمهات أولادهم فريسة لوسائل الاتصالات الحديثة، وكلُّ مشغول بحاله. هذه الوسائل الجهنمية التي تفتح الباب واسعاً لعمل الشيطان. وإذا كان هذا هو الضغط الخاص على المرأة السعودية، فهناك الضغط العام الذي يقف أمام المرأة في المملكة وكأنه يحاربها، وكأنها عدو له، فهو يغلق الطريق أمامها مع أنها تمثل نصف المجتمع، وبالتالي نصف نشاطه، فبرغم قرارات مجلس الوزراء المعنية بشؤون المرأة وحقها في العمل، تقف شرائح كثيرة في المجتمع ضد هذه الحقوق، فقد أصدر مجلس الوزراء عدة قرارات بخصوص عمل المرأة، وزيادة فرص العمل أمامها والمجالات التي تعمل بها، فهناك القرار 178 بشأن تراخيص تشغيل النساء في المنشآت الخاصة، وهناك القرار 120 الذي يقضي بزيادة فرص ومجالات العمل أمام المرأة. لقد أصدر مجلس الوزراء قرارات عدة تقف في صف المرأة وتنصفها، لكن العقبة التي تقف أمام تنفيذ هذه القرارات هي الأعراف والتقاليد التي تجاوزها الزمن والتي ترفض عمل المرأة في مجالات كثيرة، حتى إن الدكتورة "سهيلة زين العابدين" نائبة لجنة الدراسات والاستشارات في الجمعية السعودية لحقوق الإنسان وصفت عمل المرأة بأنه محدود جداً، وقدرت الدكتورة "سهيلة" ثروات النساء في المملكة بنحو 375 مليار ريال، المستثمر منها نحو 75 مليارا فقط. وأرجعت ذلك إلى أن كثيرات من النساء يفضلن تجميد أموالهن في البنوك على استثمارها، بسبب الابتزاز الذي يتعرضن له. يا سادة: ارحموا المرأة السعودية، وخلصوها من الضغوط التي تمارس عليها. نقلا عنالاقتصادية