يظل الإسكان دائماً وأبداً ضمن اهتمامات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فمن منطلق عنايته (حفظه الله ورعاه) بتوفير السكن الكريم للأسر السعودية؛ جاء الإسكان ليحتلَّ النصيب الأكبر ضمن الحزمة التنموية التي أطلقها عند عودته الميمونة في الأسبوع الماضي، التي كان من ضمنها أمره الكريم بدعم ميزانية الهيئة العامة للإسكان وصندوق التنمية العقارية. فقد تم دعم رأسمال صندوق التنمية العقارية بمبلغ (أربعين مليار ريال) لتوسيع دائرة إقراض المواطنين وتسريعها. إن عناية خادم الحرمين الشريفين بتوفير السكن الملائم للمواطنين ينطلق من كون توفير المسكن لا يُمكِّن الأسرة من السكن فقط، ولكنه يمنحها السكينة والاستقرار النفسي والرفاه الاقتصادي والاجتماعي، كما أنه يعزز وجود طبقة الأسر متوسطة الدخل في المجتمع ويدعم استمرارها. إن دعم الصندوق بأربعين مليار ريال سيفتح المجال لإقراض أكثر من مائة وثلاثة وثلاثين ألف مواطن، وسيعمل على توفير المساكن لهم ولأسرهم وامتلاكهم إياها، ومن عوائد سداد تلك القروض سيتمكن الصندوق من زيادة الأعداد السنوية للمقترضين بما يزيد على خمسة آلاف مقترض. وقد سبق أن كتبت بعد قرار مجلس الوزراء بتوحيد مبلغ القرض في مختلف المناطق، وبعد إلغاء شرط تملك الأرض عند التقديم لطلب القرض، بأن كثيراً من المواطنين سيتمكنون- إن شاء الله– في المدن الصغيرة والقرى والهجر والمناطق النائية من الحصول على المسكن وامتلاكه، وبالذات الأسر الفقيرة التي لم تحصل على منحة أرض، ولا تستطيع توفير تكلفة شراء أرض سكنية، وأشرت إلى أن ذلك يتطلب تضافر جهود المعنيين بالإسكان في القطاعين العام والخاص للعمل على إيجاد وحدات سكنية مستقلة صغيرة في مساحاتها، وفي مساحة أرضها، وبتكلفة لا تزيد على مبلغ القرض. وها أنا أكرر لفت الانتباه إلى أن مبلغ القرض عند تحديده قبل أكثر من ثلاثين عاماً (بثلاثمائة ألف ريال) تمَّ على أساس أنه يغطي (75%) من تكاليف بناء فيلا سكنية بالمواصفات والأسعار الدارجة في تلك الفترة. أما اليوم وقد بلغ متوسط تكلفة تنفيذ المتر المربع من مباني الوحدات السكنية قرابة (1200 ريال)؛ فإن المساحة المبنية التي يغطي مبلغ القرض (75%) من قيمتها تصل إلى نحو (330 متراً مربعاً)، وإذا اقتطعنا تكاليف الأسوار والخزان والبيارة؛ فإن المساحة المبنية للمسكن ستكون في حدود (200-250 متراً مربعاً)، وعلى افتراض أن مساحة الدور الواحد (100 متر مربع)، والبناء يمثل 60% من مساحة الأرض، فإن أرضا بمساحة لا تزيد على 200 متر مربع تكون كافية لإقامة مسكن مستقل. لذا، فإني أعود لأكرِّر دعوتي للجهات المعنية في قطاع الإسكان في القطاعين العام والخاص كافة؛ إلى العمل بجدٍّ على تمكين المقترضين من الحصول على مساكن تتوافق قيمتها مع مبلغ القرض، من خلال توفير قطع أراضٍ سكنية صغيرة المساحة، سواء كان ذلك بالمنح أو بالشراء، وتطوير تصاميم معمارية ميسرة تستوعب اقتصاديات المساحة والتكوين، وتعديل تنظيمات البناء بما يمكِّن المقترضين من بنائها. نقلا عن الاقتصادية