كما بعثت الثورة في "مصر" روحها وإرثها الحضاري العتيد، فهي تعيد تشكيل وجه الإعلام المصري اليوم لتبث فيه الروح من جديد، بعد أن فقد بريقه واستكان للبيات والجمود! ترى يوميا وجوها لم يسبق لك رؤيتها على الشاشات المصرية؛ فتبهرك بثقافتها ووعيها وحسها الوطني العميق لتؤكد أن مصر ولاّدة. وجوهٌ أخرى لم تكن لتراها من قبل على التلفزيون المصري الرسمي، تجدد علاقتها به من جديد، ليتربع "محمد حسنين هيكل" و"أحمد زويل" وغيرهما على شاشته في حوارات وطنية عميقة وثرية؛ تعبق بأنفاس الثورة وروح مصر التي عادت لها من جديد. تكاد الثورة تمس وجه كل شيء في مصر بريشتها السحرية فتضفي عليه ألقا؛ وتستمطر المواهب وتستنبت الطاقات ليولد على يديها إعلام حر جديد؛ يعيد مصر لمكانها في الطليعة. ينهض الفن والإعلام في جو عام من الحرية والقيم الجميلة؛ فهو مرآة تنعكس فيها نهضة البلد وحضارته وثقافته؛ وعندما يمد الفساد يده العابثة إلى كل شيء فلا بد أن ينعكس ذلك على الفن والإعلام ! ليستولي غناء (الهشك بشك) على الساحة، وتفقد الدراما المصرية وهجها وتضع على عرشها (زهرة هانم) وأشباهها، ويصبح الهزال الإعلامي والانحدار الفني والقيمي سادة الموقف! اليوم نسمع معنن جديد "الست" تردد: أنا الشعب أنا الشعب لا أعرف المستحيلا ولا أرضى عن الخلود بديلا، ونجدد علاقتنا بأغاني "عبد الوهاب" و نردد معه: أخي جاوز الظالمون المدى. من "ميدان التحرير" سمعنا صوت "الشيخ إمام "مجلجلا مستحثا مصر على النهوض: "يا مصر قومي وشدي الحيل"، وسمعنا: "يا بيوت السويس"، وأغاني "عبد الحليم " و"شادية" الوطنية، وشعرنا أننا نعود مع "مصر" إلى الزمن الجميل! توارى غثاء الغناء وسقط الكلام و"شعبولا" و"تامر حسني" وغيرهما، لتعيد الجماهير علاقتها بالفن الأصيل والغناء الراقي، ولا ريب أن القادم سيحمل لنا الأجمل! من روحية النهضة سيولد فن جميل يليق بالمرحلة والتاريخ الذي صنع بأعين الثورة وعلى يديها كما يؤكد المخرج " خالد يوسف "؛ وهو الذي آمن بالثورة ودعمها بكل كيانه منذ بداياتها. يقول "خالد" إنه في مرحلة حمل، يحاول فيها هضم الأحداث واستيعابها قبل أن يترجمها سينمائيا، وكان قد شارك في إخراج فيلم "هي فوضى" مع "يوسف شاهين"؛ الذي تنبأ بثورة جماعية تحدث في مصر نتيجة للفساد.. فكثيرا ما يستشرف الفن المستقبل بل ويتجاوزه! نقلا عن الوطن السعودية