يتحدّث عنه اليوم عدد كبير من سكان الكرة الأرضيّة كما أنّ هناك أكثر من 16 متحدثاًً رسمياً يمثلون حكوماتهم وثلاثة رؤساء وزارة ورئيسة جمهوريّة في امريكا اللاتينيّة كلّهم يردون ويعلّقون على اخبار وتسريبات إلكترونيّة ظهرت مقترنة ببعض آرائهم واسماء دولهم ومسؤوليها ضمن مراسلات سياسية أمريكية مسربة تصدرت عناوين الصحف ومقدمة النشرات الرئيسة في معظم تلفزيونات واذاعات العالم. أما السبب وراء كل هذا الهرج والمرج فهو موقع الكتروني مثير للجدل اسمه "ويكي ليكس" (wikileaks.org) تخصّص في نشر الوثائق السريّة ويديره حاليّا مغمور استرالي اسمه Julian Paul Assange ويقال أنّه هو المؤسس الحقيقي له. أُطلق "ويكيليكس" رسميا من قبل ناشطين عام 2007م كمصدر للأخبار والمعلومات الحرّة من الرقابة مراهنين على عنصرين الأول: انهم لا يرتبطون بأية جهة كانت والثاني: ضمان مجهولية مصادر التسريب. وقدّم الموقع نفسه لزواره على أنّه مؤسسة اعلاميّة غير ربحيّة تهدف إلى تقديم الأخبار والمعلومات المهمّة للجمهور بطريقة مبتكرة وآمنة تضمن السريّة للمصادر المتعاونة في جميع أنحاء العالم. اما الغاية فلتمكين هذه المصادر من تسريب المعلومات السرية للصحفيين العاملين بالموقع بضمان الحفاظ على هويّة المصدر وبالتالي توفير وسيلة عالميّة حرّة لكشف الظلم والاضطهاد. وبناء على هذا المبدأ والوثائق القوية التي سربها الموقع حول حرب افغانستان والعراق وغيرها فقد استحق جائزة "الايكونومست" عن حرية التعبير عام 2008 م وفي عام 2009م حصل الموقع على جائزة منظمة العفو الدوليّة في مجال الاعلام الجديد وآخرها جائزة "سام ادامز" للنزاهة لعام (2010). وقد ظهرت شائعات وأقاويل عن ارتباطات الموقع ومؤسسيه بمؤسسات استخباريّة امريكيّة واوروبيّة كذراع اعلامي إلكتروني لنشر الشائعات والتأثير في القرارات وقياس الرأي العام العالمي حيال مختلف القضايا. آخرون يرون أن الموقع جزء من ادوات صراع القوى السياسية والاقتصادية والعسكريّة الأمريكيّة المتعطشة للنفوذ والسيطرة بعد حروب العقود التجاريّة والمشاريع الضخمة في أفغانستان والعراق. أما مؤسس الموقع فيعيش -كما صرح بنفسه -بين المطارات والدول والمعروف من سيرته الغامضة انّه قضى جزءا من وقته في "كينيا" و"تنزانيا" وبالطبع موطنه "استراليا" ويقيم الآن في "أيسلندا". كنت متتبعا للموقع وتسريباته كغيري ولما هاتفني مندوب وكالة "رويترز"من دبي وطلب تعليقا ليضمنه قصة اخباريّة عن الموقع ذكرت له رأيي الشخصي الانطباعي في بعض ما يثار حول الموقع ومؤسسه ثم تتبّعت الموقع وتسريباته بشكل مرّكز فوجدت أن الموضوع أكبر من مجرد موقع يثير ضجة وأعمق من الهلع العالمي الذي اثاره جراء التسريبات والوثائق التي نُشِرت وسُرِبت لكبريات الصحف العالميّة. باختصار هذه هي الانترنت.. والقادم سيكون أخطر.. ولهذا فلعل أهم درس موجه لحكومات العالم ومسئوليها ينبغي أن يكون عنوانه " ليس لدينا ما نخشاه" فهل يستطيعون؟. نقلا عن الرياض