أصبح موقع ويكيليكس الذي نشر التسريبات الوثائقية عن الحرب العراقية ومن قبلها الحرب الأفغانية، وغيرها من الوثائق السرية الخطيرة، الموقع الأكثر إثارة للجدل على الإنترنت، وجعل العالم يبدو كأنه مكان من زجاج لا مكان للأسرار العسكرية فيه، ولعل مؤسسه الأسترالي جوليان أسانغ المتهم بالقرصنة الإلكترونية وسرقة ممتلكات الدول -وهي تهمة وجهتها له السلطات الأمريكية- هو الآخر أكثر إثارة للجدل. يقول موقع ويكيليكس إنه يقوم بفضح العنف ضد المدنيين وغير ذلك من الممارسات، كما ينتصر للدول الواقعة تحت الهيمنة والاحتلال. وإذا كان الحال كذلك فقد أصبح لدينا (روبن هود) إلكتروني هو ويكيليكس بقيادة أسانغ، ولئن كان روبن هود في الحكاية الشعبية الغربية ينتصر للضعفاء من الأفراد بأخذه من الأغنياء، فإن موقع ويكيليكس يزعم أنه يأخذ من الدول والحكومات الغنية وثائق وممتلكات ويعطيها للدول الفقيرة أو مواطني هذه الدول. وسلاح روبن هود الجديد سلاح فتاك لا تقف في وجهه ترسانات ولا حدود.هو الإنترنت. ما هو ويكيليكس؟ ويكيليكس، وهي كلمة مركبة من كلمتين، “ليكس” ومعناها بالعربية تسريبات و“ويكي” والويكي هو الحافلة المتنقلة مثل المكوك من جهة إلى جهة. ظهرت “ويكيليكس” لأول مرة في يناير عام 2007م خلال الشبكة الدولية، ويشير موقعها على الإنترنت أنها أنشئت بواسطة منشقين صينيين، صحافيين وعلماء رياضيات، بالإضافة إلى المؤسسين التقنيين الفنيين للشركة في كل من الولاياتالمتحدة وتايوان وأوروبا وأستراليا وجنوب أفريقيا. يقول منشئو الموقع إنه مخصص لحماية الأشخاص الذين يكشفون الفضائح والأسرار التي تنال من الحكومات والمؤسسات الفاسدة، إضافة إلى الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان أينما وجدت. وشرعت ويكيليكس منذ تأسيسها في نشر المعلومات وخوض الصراعات والمعارك القضائية والسياسية، وللمنظمة أهداف معلنة أولها صدقية وشفافية المعلومات والوثائق التاريخية وحق الناس في إنشاء تاريخ جديد بناء على هذه المعلومات. والمجالات التي يعمل عليها الموقع عديدة؛ فبالإضافة إلى وثائق الحروب والفساد المؤسسي؛ هنالك مثلًا قضايا إنسانية مثل الأوبئة وشفافية الحكومات حيالها ففي الصفحة الرئيسية للموقع تجد الأعداد الحقيقية للمصابين بالملاريا على مستوى العالم، هذا الداء الذي يقتل على سبيل المثال مائة شخص كل ساعة كما تقول ويكيليكس. مؤسسو ويكيليكس لم يكشفوا عن أسمائهم بصورة رسمية؛ لكن من يمثلها بصورة مكشوفة منذ يناير عام 2007م هو جوليان أسانغ. وهو يعرف نفسه بأنه عضو مجلس مستشاري الموقع ويشاركه في المجلس آخرون لم يتم الكشف عن أسمائهم في ذلك التاريخ.. وأطلقت صحيفة (ذا اوستراليان) على أسانغ لقب مؤسس ويكيليكس. لكن بدءًا من يونيو 2009م أصبح للموقع أكثر من 1200 متطوع مسجل، كما صدرت قائمة بمجلس مستشارين له على رأسهم جوليان أسانغ ويليه كل من (فيليبس آدمز)، (وانغ دان)، (سي جي هاينك)، (بين لاوري)، (تاشي نامجيال خامسيتسانغ)، (زياو كيانج)، (شيكو ويتيكر)، و(وانغ يوكاي). ومن بين هؤلاء نفى تاشي خامسيتسانغ عضويته بمجلس الاستشارين للموقع. نشاطات الموقع يقول موقع ويكيليكس: إن من اهتماماته الرئيسية هي كشف الأنظمة القمعية في آسيا، والكتلة السوفيتية السابقة وأفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الشرق الأوسط. لكن ويكيليكس تتوقع أيضًا أن تكون متاحة للناس في كل مناطق العالم ممن يرغبون في الكشف عن السلوك غير الأخلاقي للحكومات والمؤسسات في بلدانهم. في يناير عام 2007 ذكر موقع ويكيليكس أن لديه أكثر من (1.2) مليون وثيقة متسربة يستعد لنشرها. وحول كيفية حصول الموقع على هذا العدد الهائل من الوثائق السرية، ورد في مقال نشر في مجلة ال “نيويوركر”الأمريكية أن أحد نشطاء ويكيليكس يمتلك “سيرفر” يستخدم بواسطة الموقع وأن ملايين الوثائق مررت من خلال هذا السيرفر، وذلك حين لاحظ الناشط أن قراصنة إلكترونيين من الصين يستخدمون الشبكة الدولية لجمع معلومات عن الدول الأجنبية، وسجل الناشط هذه المواد والوثائق خلال استيلاء القراصنة الصينيين عليها. وينفي أسانغ هذه القصة ويقول إنهم حصلوا على الوثائق من 13 بلدًا. وفيما يصر منتقدو الموقع على أن الوثائق التي يملكها ويكيليكس هي نفسها التي سجلوها من عمليات القراصنة الصينيين، وقد أصبحت اليوم الأساس الذي انطلق منه الموقع. يرد أسانغ بأن هذه الاتهامات غير صحيحة. وتعد وثائق الحرب الأمريكية في أفغانستان وحاليًا وثائق الحرب العراقية هما الخبطتان الصحفيتان الكبيرتان الرئيسيتان اللتان تصدرتا عناوين الصحف وتناولتهما وكالات الأنباء والقنوات الفضائية. الشيء الذي أكسب موقع ويكيليكس شهرة واسعة على نطاق العالم. ومن قبل نال الموقع أيضًا شهرة وإن كانت على نحو أقل حين نشر وثائق عن الفساد في كينيا. واحد من أهم هموم المنظمة -فيما أعلنته- هو العمل على حماية مصادرها من مراسلين وصحافيين بحيث لا يتم اعتقالهم بسبب إرسالهم لمواد حساسة أو سرية عن طريق البريد الإلكتروني مثلما حدث للصحافي الصيني شي تاو الذي تم حبسه، ليقضي عقوبة عشر سنوات في السجن بعد نشره لرسالة إلكترونية صادرة من مسؤولين صينيين عن الذكرى السنوية لمذبحة ساحة (تيانانمين). عقبات في طريق نشر التسريبات في 24 أكتوبر 2009م أعلن موقع ويكيليكس أنه يمر بحالة شح في موارده، ولذا سيقوم بحجب كل الوثائق القديمة من الموقع ولن يعمل الموقع إلا على الوثائق الجديدة التي يتلقاها. وفي 22 يناير 2010 أعلن بنك (بي بول) تعليق حسابات موقع ويكيليكس وتجميد ممتلكاته، لكن بعد ثلاثة أيام أعلن الموقع أن البنك تخلى عن خطوة تعليق الحسابات. وهذا يشكل جزءًا ضئيلًا من المضايقات التي يتعرض لها موقع ويكيليكس. كما نشأت خلافات بين (جوليان أسانغ) و(جاكوب أبلباوم) في قيادة ويكيليكس. ويلاحظ أن أبلباوم لم يرد اسمه ضمن قائمة مستشاري الموقع، الذي تعرض لدى عودته من هولندا للولايات المتحدة في 29 يوليو للاعتقال لعدة ساعات، وتم تفتيش أمتعته واللاب توب الخاص به ومصادرة هواتفه النقالة، كما تعرض مدير الموقع المعلن أسانغ للاعتقال لمدة ثلاثة أيام بالسويد في قضية تحرش تم نقضها لاحقًا بواسطة المحكمة السويدية حيث تمت تبرئة ذمته. ونشأ خلاف معلن عنه بين جوليان أسانغ و(دانيال دومشيت بيرج)، حيث استقال الأخير في 28 سبتمبر الماضي من موقعه كمتحدث باسم ويكيليكس، وفي أكتوبر الماضي أعلن متعهدو الأموال الذين يجمعون التبرعات نيابة عن ويكيليكس عن إنهاء علاقتهم بالموقع. تمويل ويكيليكس اتضح حسب مقابلة أجريت مع جوليان أسانغ أن فريق ويكيليكس أصبح يتكون من خمسة أشخاص يعملون بدوام كامل وحوالى 800 يعملون حسب الضرورة ولا تقدم مكافآت لأي منهم. لا تمتلك ويكيليكس مقرًا رسميًا وتقدر نفقات الموقع سنويًا بحوالى 200 ألف جنيه استرليني تصرف بصورة أساسية على (السيرفر) والخدمات المكتبية ذات الصلة. ولا تدفع ويكيليكس للمحامين، بينما تتلقى مئات الآلاف من الدولارات كمساندة لإجراءاتها القانونية، وتجيء هذه التبرعات من مؤسسات إعلامية مثل (اسوشيتد برس) وصحيفة (لوس أنجلوس تايمز) ومؤسسة ناشري (ناشيونال نيوزبيبر). دخْل ويكيليكس الأساسي يأتي من التبرعات، لكن المؤسسة تفكر في إعداد أنموذج لمزاد تبيع بمقتضاه لدور النشر حق الدخول المبكر على الوثائق قبل نشرها بالموقع وبناء على ما ذكرته منظمة (واو) الهولندية فإن ويكيليكس لا تتلقى أموالًا لتصرف على فريقها العامل؛ بل إن كل التبرعات موجهة أساسًا للأجهزة والبرامج الحاسوبية و(الباندويدث) ونفقات السفر. ويكيليكس ومواقع ويكي الأخرى كثيرًا ما يدور حديث بأن موقع ويكيليكس ما هو إلا مشروع يتبع لموقع مؤسسة (ويكيميديا) وعلى صلة بويكبيديا، ويكيبوكس، وبمؤسسات (ويكي) الأخرى على الشبكة الدولية. وهذا ليس صحيحًا فموقع ويكيليكس ليست له أية علاقة بأي من هذه المنظمات أو المواقع الإلكترونية التي تحمل اسم ويكي. ونظام حماية المعلومات في كل من موقع ويكيليكس وموسوعة ويكيبيديا الالكترونية مختلف؛ فويكيبيديا لا تقوم بحماية مصادر معلوماتها وهي لا تفترض سرية هذه المعلومات. الدولة المضيفة تصف ويكيليكس نفسها بأنها “نظام غير قابل لإجراء رقابة عليه فيما يتعلق بتسريب كتلة وثائق لا يمكن تعقب مصادرها”. وتستضيف شركة (بي آر كيو) السويدية موقع ويكيليكس. وتقدم هذه الشركة السويدية خدمات تتسم بدرجة عالية من التأمين والسلامة. وهي خدمات تتم بدون توجيه أسئلة من أي نوع لطبيعة عمل الشركات المستضافة. ويقال إن شركة بي آر كيو السويدية لا تملك تقريبًا أية معلومات عن عملائها، كما لا توفر إلا معلومات قليلة عن نفسها. والسيرفر الرئيسي لموقع ويكيليكس موجود بالسويد مع عدة سيرفرات منتشرة حول العالم. وحول ذلك يقول جوليان أسانغ إن هذه السيرفرات الموجودة في السويد ودول أخرى توفر الحماية القانونية للمواد التي يكشف عنها الموقع. وتحدث أسانغ عن الدستور السويدي الذي يوفر حماية قانونية كاملة للعاملين في مجال خدمات المعلومات وحسب القانون السويدي فيحظر على أي سلطات إدارية أن تقوم بالاستفسار عن مصادر أية جهة صحافية إعلامية. وبناء على هذه القوانين فضلًا عن الحماية الأخرى التي توفرها شركة (بي أر كيو) فمن الصعب على أية جهة إقصاء موقع ويكيليكس من الشبكة الدولية على الرغم من المحاولات التي جرت لتحقيق ذلك. وبالإضافة لما تقدم من استضافة فإن مؤسسة ويكيليكس توفر لنفسها سيرفرات خاصة بها في مناطق لم يتم الكشف عنها وهي سيرفرات لا تسمح بالدخول إليها عبر الشبكة وتستخدم شفرات في مستوى ما تفعله المؤسسات العسكرية لحماية مصادرها ومعلوماتها السرية الأخرى من أي متطفلين أو قراصنة. مثل هذه الترتيبات التي قامت بها ويكيليكس يطلق عليها (استضافة بحماية ضد الرصاص). في 17 اغسطس من العام الجاري تم الإعلان عن أن حزب (بايريت) السويدي سيستضيف ويدير العديد من سيرفرات ويكيليكس الجديدة. وقدم الحزب سيرفرات لويكيليكس بدون مقابل، وسيتأكد فنيون تابعون للحزب أن السيرفرات قد تم إعدادها وأنها صارت تعمل بكفاءة. بعض هذه السيرفرات وضعت تحت الأرض في مخبأ من القنابل النووية بالسويد ظل مهجورًا بعد أيام الحرب الباردة ويوفر هذا المخبأ حماية بطبقة سمكها ثلاثين مترًا من الصخور الصلدة. سياسات ويكيليكس تشبه صفحة (عن ويكيليكس) الموجهة للقراء إلى حد بعيد صفحة موسوعة ويكيبيديا.وأي شخص يمكنه أن يرسل مواد إلى ويكيليكس كما يتاح لأي شخص أن يحرر في الموقع. ولا يتطلب الأمر معرفة فنية. وكان يمكن لمن يسربون الوثائق أن يقوموا بذلك بصورة سرية بدون كتابة أسمائهم وبدون إتاحة الفرصة لتعقبهم ويمكن للمستخدمين مناقشة الوثائق المرسلة بصورة علنية وأن يحللوا صدقيتها ويمكن للمستخدمين كتابة تفسيراتهم فيما يتعلق بتلك الوثائق. ومع ذلك فإن موقع ويكيليكس أسس لسياسة تحرير تقبل فقط الوثائق التي تحظى باهتمام سياسي، دبلوماسي، تاريخي أو أخلاقي. وذلك ردًا على انتقادات واجهها الموقع سابقًا بأنه ينشر كل شيء ولا توجد لديه سياسة تحرير. وحاليًا لم يعد من الممكن لأي شخص أن يدخل على الموقع وينشر مباشرة وبدلًا عن ذلك تخضع المواد لمراجعة داخلية أولًا وبعض المواد المرسلة فقط هو ما يسمح بنشره من قبل إدارة الموقع. في عام 2008م كانت لجان المراجعة تسمح للقراء بالتعليقات على المواد المنشورة لكن بعد عام 2010 فإن إرسال تعليقات جديدة حول الوثائق لويكيليكس أصبح أمرًا غير ممكن. التحقق من وثائق ويكيليكس أعلنت ويكيليكس أنها لم تنشر إطلاقًا وثيقة لم يتم التحقق منها. فكل الوثائق يتم تقييمها قبل نشرها. وفيما يتعلق باحتمالات التسريبات المضللة أو المزورة أعلنت ويكيليكس أن مثل تلك الوثائق المضللة موجودة أصلًا ومنتشرة في قنوات الإعلام الرئيسية لا في الموقع. وبناءً على تصريحات أدلى بها أسانغ في هذا العام فإن الوثائق التي تم رفعها للموقع قد تم فحصها والتحقق منها بواسطة مجموعة من حوالى 5 آلاف مراجع بخبرات في مختلف الحقول مثل اللغة والبرمجة وهؤلاء قاموا أيضًا بفحص خلفية الشخص المسرب للوثيقة إن كانت هويته معروفة لديهم. وضمن تلك المجموعةيحتفط أسانغ كمدير للموقع لنفسه بالحق في اتخاذ القرار النهائي في ما يتعلق بتقييم الوثيقة والنظر في أمر نشرها من عدمه. التحقيقات.. الرقابة والمضايقات في 24 مارس 2009 تمت مداهمة مسكن (ثيودور ريب) الذي قام بتسجيل الموقع الألماني لويكيليكس (ويكيليكس. دي) بعد أن قامت ويكيليكس بنشر القائمة السوداء للرقابة الصادرة عن سلطات الاتصالات والإعلام الأسترالية. لكن الموقع لم يتضرر من المداهمة. كانت سلطات الاتصالات والإعلام الاسترالية قد قامت في 16 مارس من العام الماضي، بإضافة ويكيليكس لقائمتها السوداء المقترحة بالمواقع التي سيتم حظرها عن الاستراليين إذا تم تطبيق مشروع تقنية الإنترنت والرقابة عليه كما هو مخطط له. الرقابة الصينية تقوم الحكومة الصينية حاليًا بالرقابة على أي موقع لويكيليكس على الشبكة الدولية. بما فيها الموقع الرئيسي والمواقع الفرعية. ومع ذلك فويكيليكس يمكن الدخول إليه من وراء الجدار الإلكتروني الصيني عبر أسماء بديلة أخرى مما يستخدمها مشروع ويكيليكس مثل موقع (سكيور سونشاين بريس.أورغ). والأسماء البديلة تتغير باستمرار وتطلب ويكيليكس من متابعيها البحث عن أسماء التمويه التي توفرها ويكيليكس خارج الصين، على الرغم من الحرب الكبيرة على الموقع، حيث تقوم محركات البحث (بيدو) و(ياهو) بالرقابة على ويكيليكس. وبالإضافة إلى الصين تقوم حكومة تايلاند بالرقابة على موقع ويكيليكس إلى جانب أكثر من 40 ألف موقع على الشبكة الدولية هناك، نظرًا لقوانين الطوارئ بسبب الظروف السياسية المستجدة في ذلك البلد منذ شهر أبريل من العام الجاري. وفوق كل ما تقدم يلاقي متطوعو ويكيليكس العديد من المضايقات من السلطات الأمنية في مختلف دول العالم. ومن المضايقات الكبيرة أن مصرف (جوليوس باير) السويسري رفع قضية لدى المحاكم الأمريكية ضد موقع ويكيليكس وأدى الحكم إلى إيقاف الموقع. لكن الصحافة الأمريكية بمختلف تنظيماتها وقفت مساندة لويكيليكس. وقام نفس القاضي (جيفري وايت) الذي سبق أن أصدر حكمًا بإيقاف الموقع في فبراير عام 2008م بإصدار حكم جديد بالسماح لويكيليكس بالنشر وأسقط البنك دعوته، وعن هذا قالت (لوسي داقليش) المديرة التنفيذية للجنة المراسلين بجمعية حرية الصحافة بأمريكا إنها سعيدة بالحكم الذي جاء متسقًا -كما قالت- مع الدستور الأمريكي.. هكذا وجدت مؤسسة ويكيليكس حماية من واحدة من كبرى منظمات الرأي العام والمجتمع المدني في أمريكا نفسها. ردود فعل إدارة الرئيس أوباما بناء على تقرير أورده موقع (ديلي بيست) على الشبكة الدولية فإن إدارة الرئيس أوباما طلبت من كل من بريطانيا وألمانيا وأستراليا ضمن دول أخرى توجيه تهم جنائية ضد جوليان أسانغ عن تسريبات وثائق أفغانستان والمساعدة في تحجيم تحركاته عبر العالم وفي الولاياتالمتحدة تقوم لجنة تحقيقات مشتركة بين الجيش ومكتب التحقيقات الفيدرالية بإعداد قائمة اتهامات ضد أسانغ وآخرين، حيث تتركز الاتهامات الرئيسية في أنهم قاموا بسرقة ممتلكات حكومية. وذكرت مؤسسة الدفاع العسكرية الأسترالية أن جوليان أسانغ من ويكيليكس ارتكب جرائم خطيرة لكونه ساعد عدوًا لقوات الدفاع الاسترالية بنشر هذه الوثائق. وانطلق هجوم ضد ويكيليكس ومؤسسها عبر وول ستريت جورنال، حيث تحدث المنتقدون عن الضرر الذي سيلحق بمدنيين وقوات أفغانية صديقة ساعدت الجيش الأمريكي هناك ممن وردت أسماؤهم في الوثائق. أما المعلق غريغ جوتفيلد من فوكس نيوز فقد وصف تسريبات وثائق الحرب في افغانستان بأنها (حرب صليبية ضد الجيش الأمريكي)!.وذكر جون بيلغر من جانب ويكيليكس أن الموقع اتصل قبل نشر تسريبات الحرب الأفغانية بالبيت الأبيض كتابة طالبًا تحديد الأسماء التي ربما تتسبب لها تبعات وعواقب في حال نشر الوثائق لكن ويكيليكس لم تتلق ردًا. أما وثائق الحرب العراقية فلا تزال ردود أفعالها تتوالى داخل الإدارة الأمريكية وفي أوساط الحكومة العراقية وفي المنطقة وهي ردود أفعال ربما تتسبب في إسقاط زعماء في الإدارة الأمريكية والحكومة العراقية وستتسبب ربما في هز المؤسسة العسكرية الأمريكية والجيش الأمريكي داخل العراق. صدى التسريبات في الصحافة الغربية في صحيفة نيويورك كتب آرثر بريسبين يقول إن هنالك قصتين تتعلقان بويكيليكس تقفان جنبًا إلى جنب: إحداهما أن جوليان أسانغ مؤسس ويكيليكس هارب خوفًا من وكالات المخابرات الغربية وهو في نظر بعض زملائه متوهم ومتوجس، أما القصة الثانية فهي المعلومات والرصد المروع للحرب العراقية وهو ما يعتبر أسانغ ومنظمته مصدره الأساسي. لدى نشر الوثائق المتسربة عن الحرب العراقية وجدت صحيفة التايمز نفسها أمام مأزق مزدوج فيما يتعلق بكتابة تقرير عن قرابة 400 ألف وثيقة سرية فهذا النشر كان ملحًا، بينما مصدر الوثائق مثير للجدل. وكان النظر في العلاقة بين صحيفة النيويورك تايمز وأسانغ وويكيليكس واحدًا من التحديات التي واجهتها الصحيفة في هذا الوقت الاستثنائي من تاريخ الصحافة. ومن ناحية أخرى كان على صحيفة نيويورك تايمز أن توازن بين مصلحة القراء والضرر الذي يمكن ان يحدث لقوات التحالف الدولية في العراق وعمليات جمع المعلومات الاستخبارية في مناطق الحرب. عندما تلقى بيل كيلر مدير هيئة التحرير بصحيفة نيويورك تايمز مكالمة من صحيفة الجارديان اللندنية أرسل للصحيفة المذكورة اريك سميث المراسل الحربي لصحيفته وبناء على توصية من الأخير قررت نيويورك تايمز نشر المواد عن الحرب العراقية بالاشتراك مع الجارديان ودير شبيجل الألمانية، لكن نيويورك تايمز اشترطت نشر ما يهمها من هذه الوثائق وبصورة مستقلة عن موقع ويكيليكس. وعندما قامت نيويورك تايمز بنشر الوثائق حذفت الاسماء والمعلومات ذات الصلة التي يمكن أن تضر بالقوات العسكرية في العراق. ومن جانبها ذكرت صحيفة واشنطن بوست في 26 اكتوبر الماضي أن كل التسريبات حول عمليات قتل المدنيين أو تعذيبهم في العراق بواسطة القوات الأمريكية أو الشركات الخاصة التي يتعاقد معها الجيش الأمريكي أو قوات الأمن العراقية هي معلومات مثيرة للمتاعب والقلق، لكن هذه الحوادث جرى تقديم تقارير صحافية مكثفة عنها لحظة وقوعها بواسطة صحافيين غربيين وبواسطة الجيش الامريكي نفسه. وتقول صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها تلك أن أسانغ يرى أنه في مقدور تسريبات ويكيليكس كما حدث في تسريب (أوراق البنتاجون) عن حرب فيتنام أن تغير بصورة راديكالية الموقف من الحربين العراقية والأفغانية، والأخيرة هي ما يسعى أسانغ كما يقول لإيقافها لكن أسانغ وفر بدلًا عن مسعاه هذا دليلًا من مصدر آخر غير أمريكي بأنه ليس هناك تاريخ سري للحربين العراقية والأفغانية. تمضي واشنطن بوست قائلة: يتضح في أفغانستان أن ويكيليكس قد عرّضت حياة الأفغان الشجعان للخطر بالتعريف بهم باعتبارهم مصادر للقوات الأمريكية. وفي العراق ساهمت ويكيليكس على الأقل ولو بصورة مؤقتة في عرقلة وتعقيد المفاوضات الرامية لتكوين حكومة عراقية جديدة. وتختتم الصحيفة افتتاحيتها قائلة: إننا كلنا مع كشف معلومات حكومية مهمة، لكن المستر أسانغ قام بذلك بصورة تتسم بالإهمال وبالدوافع السياسية. تعليقات أخرى على عكس إدارة تحرير واشنطن بوست الحالية فإن ليونارد داوني مدير هيئة التحرير السابق بصحيفة واشنطن بوست ذكر أن تسريبات جوليان أسانغ مواد ذات قيمة خبرية وتحظى باهتمام قطاعات واسعة من القراء. أما توماس ريكس المحرر المشارك في مجلة (أميريكان بوليسي) وكاتب (المغامرة العسكرية الأمريكية في العراق) فيعتقد أن ويكيليكس والصحف التي شاركتها النشر عرّضت الجنود في الميدان لمخاطر جمة، بينما الذي جناه المواطنون من هذا النشر كان قليلًا وهذه التسريبات كانت تصريحات عن سياسات وهي غير صادرة عن رامسفيلد وزير الدفاع السابق مثلًا إنها معلومات من مستوى منخفض أعطيت أهمية لا تستحقها، وهي مع ذلك تحتوي على مخاطر جمة. ---------------------- جوليان أسانغ Julian Assange * ولد الأسترالي جوليان أسانغ عام 1971م * درس الرياضيات والفيزياء بالجامعات الأسترالية لكنه لم يكمل دراسته. * يشاع عنه أنه ممن علموا أنفسهم بأنفسهم. * مبرمج حاسوب وناشط في الشبكة الدولية ويتهم بأنه من “قراصنة الإنترنت” لكن المقربين منه يقولون أنه يقوم بذلك لأسباب إنسانية وأخلاقية. * المتحدث باسم موقع ويكيليكس ورئيس تحريره. * في أواخر السبعينات أخفته والدته وهو طفل مع شقيقه هربًا من الزوج الثاني الذي انفصلت عنه، واستمر جوليان مع أمه وشقيقه مختفيًا حتى منتصف الثمانينات. * يقول عن نفسه إنه في حالة ترحال دائم ويعيش في المطارات الدولية. * منحته منظمة العفو الدولية جائزة لكشفه عن جرائم الحرب الأهلية في كينيا. ----------------------- ويكيليكس في جوانتانامو في 7 نوفمبر عام 2007م نشرت بموقع ويكيليكس وثيقة عن إجراءات التشغيل النموذجية (لمعسكر دلتا). والوثيقة عبارة عن بروتوكول للجيش الأمريكي بتاريخ 2003م فيما يتعلق بمعسكر الاحتجاز في جوانتانامو ونشرت الوثيقة أيضًا بواسطة صحيفة الجارديان. وكشف نشر هذه الوثيقة عن بعض أنواع الحظر المفروضة على المعتقلين في المعسكر بما في ذلك حجب بعض المحتجزين بعيدًا عن أنظار اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وهو الأمر الذي ظل الجيش الأمريكي في الماضي ينكره باستمرار. شريط فيديو الهجمات الجوية في بغداد في 2 أبريل 2010م نشرت ويكيليكس شريط فيديو سريًا تابعًا للجيش الأمريكي في العراق واحتوى الشريط على سلسلة هجمات جوية تمت في 12 يوليو 2007م بواسطة طائرة هيلوكوبتر، مما أدى لمقتل 12 شخصًا بمن فيهم اثنان من مراسلي رويترز هما سعيد جماح ونمر نور الدين. وقال محللو شريط الفيديو: إن الطيارين يعتقدون أن الاشخاص الذين تمت مهاجمتهم كانوا يحملون أسلحة. وبعد نشر هذا الشريط اكتسب موقع ويكيليكس شهرة عالمية وأصبح حسب إفادة محرك جوجل على رأس المواقع التي تحظى بأكبر قدر من الزوار. في 22 أبريل اعتقلت السلطات الأمريكية (برادلي مانينج) محلل المواد الاستخبارية بالجيش الأمريكي في العراق باعتباره مسؤولًا عن تسريب شريط ضربات الهيلوكوبتر الجوية، ونفت مؤسسة ويكيليكس أن يكون برادلي مانينج هو من سرب الفيديو، لكنها قالت إنها على استعداد للدفاع قانونيًا عنه. وفي 21 يونيو الماضي قال جوليان أسانغ لصحيفة الجارديان اللندنية إنهم كلفوا ثلاثة محامين للدفاع عن برادلي مانينج لكن السلطات الأمريكية ذات الصلة، لم تمكن هؤلاء المحامين من الوصول إليه. وذكر ت مصادر صحافية أن مانينج سبق أن كتب أنه في كل مكان يوجد به موقع أمريكي سيتم الكشف عن فضيحة دبلوماسية، وحسب ما نشرته واشنطن بوست فإن مانينج وصف شريط الفيديو بأنه “يوضح كيف أن العالم الأول يستغل العالم الثالث”. مفكرة الحرب الأفغانية في 25 يوليو 2010 أرسلت ويكيليكس لكل من صحيفة الجارديان ونيويورك تايمز ودير شبيجل الألمانية -بناء على تعاون سابق معها- أكثر من 92 ألف وثيقة تتعلق بالحرب في أفغانستان بين الأعوام ما بين 2004 و2009م. تورد الوثائق تفاصيل عن حوادث فردية بما فيها نيران صديقة وحالات قتل بين المدنيين. وتم نشر الوثائق للجمهور في 25 يوليو 2010م. وأضافت ويكيليكس ملفًا آخر لصفحة مفكرة الحرب الأفغانية يتضمن ملف ضمان في حالة حدوث شيء للموقع أو لجوليان أسانغ. ولم تنشر حوالى 15 ألف وثيقة من جملة تسريبات الحرب الأفغانية، حيث إن المؤسسة مشغولة حاليًا بمراجعتها وتصنيفها. وقد طلبت من البنتاجون مراجعة بعض الأسماء فيها لكنها لم تتلق ردا على ذلك. تسريبات وثائق الحرب العراقية في الثاني والعشرين من أكتوبر الماضي نشر موقع ويكيليكس أكبر عدد من الوثائق العسكرية السرية في التاريخ؛ إذ اشتملت الوثائق على (391.832) تقريرًا ووثيقة لحرب واحتلال العراق في الفترة من يناير 2004 إلى 31 ديسمبر 2009م، في ما عدا شهري مايو 2004 ومارس 2009م. كل هذه الوثائق تبرز العمليات الهامة لهذه الحرب السرية من الجانب الأمريكي، وتوضح كل العمليات التي قام بها الجنود على أرض العراق. وورد في الوثائق تفاصيل عن مقتل (109.032) شخصًا في العراق، ويشمل ذلك مقتل (66.081) مدنيًا (32،.984) عدوًا (هؤلاء الذين يصنفون كمتمردين) (15.191)من البلد المضيف (القوات الحكومية العراقية) و (3.771)من قوات التحالف. وغالبية حالات القتل( 66.000) أكثر من (60%) من المدنيين، كما أن (31) مدنيًا كانوا يقتلون كل يوم خلال فترة ست سنوات. وللمقارنة فإن الحرب الأفغانية ورد فيها أن حالات القتل في أفغانستان بلغت خلال نفس الفترة (20.000) قتيل، أما العراق خلال نفس الفترة زاد عدد القتلى فيه خمس مرات علمًا بأن عدد السكان متقارب في البلدين.