في اليوم الأول من عروض الأفلام بمهرجان أفلام السعودية الثالث، تلاقي جلسات العروض إقبالا جماهيريا حاشدا في مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام التي شهدت عرض 18 فيلما امتلأت صالة العرض خلالها بالزوار. اتسمت العروض بملامستها للواقع المحلي، ونقدها لبعض الظواهر الاجتماعية في مواجهة فنية يقوم صناع الأفلام من خلالها برفع مرآة في وجه العالم ليرى نفسه فيها. قسمت العروض على أربع جلسات حيث رفع المهرجان مرآته الأولى بعرض ثمانية أفلام، ابتدأت بفيلم "مفتاح 14" للمخرج هاني القاضي، تناول من خلاله قصة شاب معاق متفوق دراسيا يطمح لتحقيق أحلامه بينما تقف الظروف المحيطة به عائقا، حيث أنه يعمل مع والده في ورشة لإصلاح السيارات. ثم تلاه الفيلم الوثائقي"157" للمخرج محمد المطيري وهو عن قصة حقيقة "ديكودراما" من كتاب المؤلف عبد الله عسيري، يسرد فيها مشكلته مع السمنة ومحاولته للتخلص منها بأسرع طريقة، والتي كادت تودي بحياته. أما فيلم "عزة نفس" للمخرج محمد الحمود فقد استعرض أحداث تكتفي بالصمت لحكاية فتى تضطره الظروف إلى خوض غمار العمل ليعين عائلته على العيش. المخرج يوسف عبدالله قدم فيلمه الوثائقي "ذاكرة من الصحراء الباردة" الذي كشف عن مدى التعايش بين المسلمين والبوذيين في منطقة لاداخ في جامو كشمير الهند من خلال رحلته إلى تلك الولاية ، ويوثق في الوقت نفسه ما يسمى بصحراء لاداخ الباردة. فيلم "26 أبريل" للمخرج علي آل غانم، تدور أحداثه حول ثلاثة أصحاب خرجوا في نزهة صيد فلقي أحدهم حتفه مما جعل أصابع الاتهام تشير إلى صاحبيه. فيلم "لمار" للمخرج فهد غزولي تحدث عن "لمار" المرأة التي تحاول العيش بسلام بينما تعيش في بيئة تملؤها وجهات النظر المريبة حولها. فيلم "هيومانويد" للمخرجة أروى الساعاتي، يحكي عن عصر التكنولوجيا حيث أصبح المجتمع مدمنا على استخدام الهواتف الذكية، غير مدركا لما يحيط به في العالم الواقعي. واختتمت الجلسة الأولى للعروض بفيلم "جوجو الصرارة" للمخرجة نادية رضوان والذي يستعرض عادات وتقاليد أهل مكة القديمة، استنادا على بحث الدكتورة ليلى فدا، في استقبال أهل مكة للأطفال بعد عودتهم من حجتهم الأولى، وكيفية الاحتفال بهم تشجيعا لغيرهم من الأطفال. في الجلسة الثانية للعروض تم عرض فيلمي "آل زهايمر" للمخرج عبدالرحمن صندقجي، وهو وثائقي يتحدث عن واقع مرضى آل زهايمر وذويهم في السعودية بقالب استقصائي. وفيلم "المتاهة" للمخرج فيصل العتيبي، مشبها المتاهة من خلاله بالحبل السري الذي لا تسير الحياة بدونه، حيث يختبر "فتح الدين" ورفاقه ظروفا جديدة قد تؤثر على علاقتهم بسر الحياة و قوانين الوجود، ويفتح التساؤلات هل تتغلب عليهم أم يقاومونها أم يتعاملون معها كأمر واقع.
فيما بدأت الجلسة الثالثة بعرض فيلم "قارئة الفنجان" للمخرجة خالدة باطويل، والذي يحكي قصة فنجان سحري يتنبأ بالمستقبل ويضع له وصفة سحرية.تلاه فيلم "عش إيلو" للمخرجة مها الساعاتي، ويحكي قصة صديقتان تلعبان بالدمى، فتظهر امرأة غريبة تخبرهما عن أسطورة فلبينية تثير فضولهما. فيلم "أصفر" للمخرج محمد سلمان، يُلخص يوميات سائقي التاكسي الأصفر، وينقل صورة لذاكرتهم وانحسار سوقهم، كما ركز من خلاله على اللون الأصفر كلون يلفت النظر، وكيف أنه يمثل حياة بشرية تتحرك من حولنا وتحاول بصعوبة أن تبقى على قيد الحياة. وجاء فيلم "القصاص" للمخرج عبدالله أبو الجدايل، يروي لحظة مساومة أب لإنقاذ حياة ابنه من القصاص، في ظل أجواء بدوية.. أما فيلم "بسطة" للمخرجة هند الفهاد يستعرض جوانب من حياة نساء بسّاطات في سوق شعبي يحاولن كسب العيش.
اختتم اليوم بالجلسة الرابعة التي تضمنت ثلاثة أفلام : فيلم "طقطيقة" للمخرج وشل حمدي، وفيم "جنة الأرض للمخرج سمير عارف، وفيلم "زاوية 180 درجة للمخرج نعيم البطاط.
الأفلام أثارت ردود فعل الجمهور بين الضحك والدهشة والحزن، كما استثارت أسئلتهم. فوجّه أحد الحضور تعليقا للمخرج هاني القاضي عن فيلمه مفتاح 14 بأن القصة مبالغ فيها وأنه لا يتوقع وجود آباء بهذه القسوة كما ظهر بالفيلم، عندها أجاب المخرج بأن القصة واقعية. ولنفس مخرج الفيلم شارك بالمداخلات نجم اليوتيوب إبراهيم ميسيسبي بتساؤله عما كان يريد المخرج بالضبط فالنهاية لم تكن واضحة، وبيّن القاضي بأن النهاية بالفيلم تختلف عن النهاية بالقصة الواقعية وتم تعديلها لتناسب دراما الفيلم.
فيما وجه المخرج حمود الشمري سؤالا للمخرج محمد سلمان عن فكرة فيلمه " أصفر " وقد تلخصت إجابته بأن الفيلم تأبين للتاكسي الأصفر الذي أخذ في الانقراض. كما علق أحد الحضور على الفيلم نفسه بأن التركيز على التفاصيل والحياة المحلية جميلة بشكل لا يُصدق، وأن الالتقاطات لديه كانت شاعرية، وأن فكرتهُ كانت واضحة أيضًا . واكتفى أحد الحضور بالتعبير عن إعجابه بفيلم "طقطيقة" مخاطبا وشل حمدي، بعبارة "لقد صنعت يومي". فيما تساءل زائر آخر عن رسالة الفيلم الذي رأى أنه غارق في الرمزية، واستطرد: "رسالة الفيلم الواضحة هي أنه صرخة ضد الضجيج الذي تفشى في المدن الكبيرة". كما أشاد أحد الحضور بفيلم "جنة الأرض" مرجئا نجاح الفيلم إلى قوة النص الذي كتبته الفنانة أسمهان توفيق.