في هذه الأيام المباركة يبذل الجميع في أرض الحرمين الشريفين؛ المملكة العربية السعودية قصارى جهدهم في سبيل خدمة ضيوف الله الحرام، فقد اعتاد إنسان هذه الأرض الطيبة على إقراء الضيف وإكرامه منذ القدم، والتوجيهات الحكومية منذ قيام مملكة الإنسانية واضحة وصريحة واضعةً خدمة الحاج والمعتمر في أولويات سلم اهتمامها، وتجند لذلك كافة جهود جهاتها الحكومية المختصة أمنياً وصحياً وتموينياً وغيرها من الأمور الذي تختص به الجهات الحكومية الأخرى. ويأتي دور هيئة الهلال الأحمر السعودي ورجاله في الميدان في موسم الحج من كل عام دوراً كبير الأهمية في رعاية الحالات الصحية للحاج الكريم قبل وصولها إلى المراكز الطبية والصحية المتخصصة، لذا بذلت الهيئة قصارى جهودها في نشر العدد الأكبر من الفرق الإسعافية المدربة والمجهزة في المشاعر المقدسة بطريقةٍ مدروسة ومخطط ٌلها حسب كثافة تجمع الحجيج وتحركهم حسب أنساكهم؛ وحسب مخطط الحج الإلهي الكريم. لقد راعى مسؤولو الهيئة تلك التجمعات البشرية عندما تم نشر تلك الفرق الإسعافية، إلاّ أن الفرق الإسعافية الأرضية الثابتة تبقى أحياناً -في بعض المناطق- خارج السيطرة على تلك الحشود المتحركة، وأسطولها الجوي لن يتمكن من الوصول بسهولة لتلك الزوايا والأركان، وربما كانت تلك الحالات الإسعافية لا تستوجب النقل ويمكن علاجها في أماكنها، لذا كان لزاماً إيجاد فرقٍ إسعافيةٍ سريعة التحرك تجوب تلك الأنحاء، تفحص وتكتشف، تخفف الآلام.. وتمنح البلسم الشافي لمن يحتاجه مع ابتسامةٍ تعطي شعوراً بالثقة والرضى وحسن التعامل لذلك الغريب في بلده الثاني. أولئك الجنود المعلومون لا المجهولين، المعلومون بدورهم وجهودهم التي لا تخفى على أحد، انطلقوا منذ نهاية شهر ذي القعدة، على أهبة الإستعداد يحدوهم ذلك الحب للعمل الإنساني، وذلك الفخر بانتمائهم لهذا الجهاز الإنساني النبيل، الذي وضع قول الله تعالى " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً.." شعاراً لعمله أنى حلّ أو ارتحل، واضعين نصب أعينهم رضى الله، ومن ثم رضى أولياء الأمر منهم، لاسيما قائدهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبد الله بن عبد العزيز رئيس الهيئة الذي مافتئ يضخ الثقة في نفوسهم، ويشد على أياديهم وينصت لهم ويقف احتراماً لهم ولعملهم الإنساني المتميز، ويسعى جاهداً ليضع رجل الهلال الأحمر ملء السمع والبصر؛ بتميز جهوده وتعامله الحضاري مع كل أحد مهما كان. هذا العام 1433ه؛ انطلقت فرق الدراجات النارية الإسعافية من مركز إسعاف المنصور إلى المناطق المركزية مدججين بتموينهم الطبي وأهبة الاستعداد ونشوة التعامل مع تخفيف آلام النفوس البشرية قبل الأجساد، يعملون على ثلاث فترات لمدة ثمانية ساعات، تتكون الفترة الأولى والثانية من ست فرق إسعافية، أما الفترة الثالثة فثلاث فرق، يغطون المنطقة المركزية المزدحمة حول المسجد الحرام وما حوله (الغزة، أجياد، الهجلة، المسفلة) لصعوبة وصول سيارة الإسعاف، كما شاركت تلك الفرق بجهدٍ مميز وملموس في منطقة عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة، يوم الوقوف بعرفات. إنهم إذن أولئك الجنود المعلومون.. دراجو الهلال الأحمر السعودي.. حكاية حبٍ وتميزٍ وفخرٍ لم تنته..!!