لم تقتصر تداعيات عمليات ضبط الجهات المختصة مزرعةً في الطائف تروي منتجاتها بمياه الصرف أخيراً، على إثارة مخاوف الأهالي من تناول الفواكه والخضراوات وعزوفهم عنها، بل امتدت لتثير جدلاً بين الباعة النظاميين في سوق الخضراوات المركزية والأمانة وفرع الزراعة بالمحافظة، إذ تؤكد الأخيرتان القضاء على البساتين المخالفة كافة، فيما يجزم عدد من تجار الخضراوات بأن تلك الحقول لا تزال تواصل عملها في تصدير المنتجات الموبوءة وتروجها، من خلال المباسط العشوائية في الأسواق وأمام المساجد. وقال ياسر البقمي إنه عزف وأسرته عن تناول الخضراوات والفواكه التي تنتجها مزارع الطائف، بعد توارد أنباء حول ضبط الجهات المختصة بساتين عدة تروى منتجاتها الزراعية بمياه الصرف الصحي، مشيراً إلى أن الحسرة تملكته لما آل إليه وضع الزراعة في منطقته التي «طالما تباهوا بها أمام المصطافين». وذكر أن موائد أهالي الطائف كانت لا تخلو من الأصناف المتعددة التي تنتجها مزارع المحافظة، بيد أنهم باتوا يتوجسون خيفة كلما فكّر أحدهم بشراء الخضراوات أو الفواكه، الآن. واتفق معه عبدالرحمن المالكي، موضحاً أنهم أصبحوا بعد ضبط تلك المزارع المخالفة يستفسرون من الباعة عن مصدر المنتجات الزراعية، ويقفون كثيراً قبل شرائها، لاسيما الورقيات منها، مرجعاً انتشار تلك المخالفات إلى الجشع والبحث عن الثراء السريع من دون التفكير في صحة العامة، وما تلحقه تلك المنتجات المسمومة بالمستهلك. وأفاد أن الخضراوات تخيفهم أكثر من الفواكه، فغالبيتها «حولية» تنمو سريعاً، متمنياً أن تكثف الجهات المختصة من عملها في ضبط أولئك المخالفين وإلحاق أقسى العقوبات بهم. بدوره، أكد أحد أصحاب المحال في سوق الخضراوات المركزية (فضل عدم ذكر اسمه) خلو «السوق» من العينات الموبوءة، لافتاً إلى أن بإمكانهم اكتشاف تلك المنتجات سريعاً، من خلال رائحتها الكريهة المقززة، موضحاً أن المزارع المخالفة التي ضبطت أخيراً لا تزال تصدر منتجاتها إلى المستهلكين بطرق ملتوية. وقال: «للأسف اتخذ عدد من ضعاف النفوس المباسط العشوائية في الأسواق وأمام أبواب المساجد وسيلة لترويج تلك السلع الملوثة»، محذراً في الوقت ذاته المستهلكين من الشراء منها، والتوجه إلى المراكز النظامية التي تخضع لمراقبة صارمة من الجهات المختصة. إلى ذلك، أكد مدير فرع وزارة الزراعة المهندس حمود الطويرقي تجريف المزارع التي ثبت عدم صلاحية إنتاجها للاستهلاك الآدمي، مشيراً إلى أنه تم الانتهاء من توعية المزارعين كافة باستخدام البدائل لمنع سقيا الحقول بالمياه الملوثة. وشدد على أن عملية تجريف البساتين، ومصادرة آلات الري تعد إنذاراً لكل من تسول له نفسه المساس بصحة المستهلك «التي لا نقبل المساومة عليها»، متوعداً بأن الأنظمة والقوانين ستقف بالمرصاد لكل مخالف في هذا الشأن. وفي سياق متصل، أكد أمين محافظة الطائف المهندس محمد المخرج حرصهم على منع وصول أي منتجات زراعية ملوثة إلى الأسواق، مشدداً على أن مشكلة ري البساتين بالمياه الملوثة غير منتشرة في الطائف، «نظراً إلى أن الله حباها مناخاً معتدلاً ونسبة أمطار مرتفعة، إضافة إلى انتشار الكثير من السدود الزراعية في مواقع متفرقة من المحافظة، وقراها الزراعية». وأفصح عن تشكيل لجنة خاصة يشارك فيها مندوب من الأمانة، تهتم بمتابعة المزارع المخالفة (إن وجدت)، وضبط أي تجاوزات «لاسيما وأن سقيا الورقيات بالمياه الملوثة لها أضرار صحية خطرة»، مؤكداً أن الأمانة تضع صحة المستهلك في الدرجة الأولى. وأفاد أن لائحة الجزاءات تطبق بحدها الأقصى تجاه أي مخالفات تمس الصحة العامة، لافتاً إلى أن اللجنة تنفذ جولات تفتيشية على المزارع كافة، وتقف على أي بلاغ يرد إليها تجاه المخالفة منها.