يتجه عدد كبير من الحجاج القادمين لأداء الفريضة إلى جبل النور حيث غار حراء المكان الذي كان يتعبد فيه النبي محمد قبل البعثة ونزول الوحي. ويقع جبل النور شمال شرق المسجد الحرام بارتفاع 642 مترا، وينحدر انحدارا شديدا على شكل زاوية قائمة حتى قمة الجبل، وتبلغ مساحته خمسة كيلومترات و250 مترا مربعا وتشبه قمته الطربوش أو سنام الجمل، الصعود إلى قمة الجبل أمر ليس باليسير لكبار السن والنساء والأطفال. وتنشط الحركة التجارية أسفل الجبل نظرا لتدفق الحجاج بشكل كبير وحرصهم على شراء بعض الهدايا والكتب الدينية والأدعية إلى جانب المشروبات الباردة والساخنة وبعض الأغذية، ويقال إن تسميته بجبل النور كانت إشارة إلى نور الإسلام. بداية الصعود للجبل عبارة عن طريق أسفلتي تم رصفه كتلة واحدة يستطيع المشاة السير عليها، بالإضافة للمركبات والدواب، وعند أسفل الجبل مباشرة يوجد مركز لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توزع فيه أشرطة ومنشورات تعريفية إلى جانب شاشات تلفزيونية تعرض أفلاما تسجيلية عن الجبل. ويقول فهد العيدي أحد موظفي الهيئة لوكالة فرانس برس «عملنا هو توعية الحجاج وإرشادهم بما يقومون به في الجبل عبر المنشورات والأقراص المدمجة، كما أن لدينا شاشات تلفزيونية لكبار السن والنساء الذين لا يستطيعون الصعود». ويضيف «نحن حريصون على تبيان المسائل الشرعية والعقدية مثل بعض الاعتقادات التي يعتقدها بعض الحجاج من التمسح بالصخور أو الكتابة عليها، لكن نسبة كبيرة منهم يتراجعون بعد معرفة الحقيقة وأنها ليست من مناسك الحج». ويؤكد العيدي «لا نمنع أحدا من الصعود إلى الجبل لكننا نبين لهم أن الرسول محمد صعد إلى الجبل قبل البعثة ولم يصعد بعدها، وأن الصحابة الأربعة لم يصعدوا بعد موت الرسول». ويشير إلى أن بعض الحجاج والزائرين لديهم اعتقادات وخرافات، فقد أحضر أحدهم رضيعا مصابا بالشلل ووضعه في غار حراء لاعتقاده أنه سيشفى.. ويلفت إلى وجود عدد من المترجمين «بجميع اللغات لمساعدة الحجاج على المعرفة». من جانبه، يوضح عوض الأسمري مشرف الفترة المسائية بمركز جبل النور أن «عدد الحجاج المتجهين لأعلى الجبل يبلغ نحو 20 ألفا يوميا».. ويتابع «نصادف عددا كبيرا من المعتقدات الخاطئة لبعض الحجاج، لكننا نستخدم أسلوب المناصحة اللطيف والعطف والتعامل الحسن مع معتقدات قد تهدد العقيدة وسلامتها». في بداية الثلث الأول من الجبل، تتحول الطريق إلى درجات مبنية بطريقة محكمة تساعد على المسير بشكل أفضل. ويقول الحاج محيي الدين صابر (45 عاما) وهو في طريقه نزولا من أعلى الجبل لفرانس برس «جئت من تركيا وحرصت على زيارة جبل النور لأن القرآن نزل في هذا المكان». ويضيف «أردت الزيارة فقط وأعلم أن ذلك ليس من مناسك الحج، ترافقني عائلتي المكونة من ثلاثة أشخاص (...) دخلت غار حراء، هناك ترى كل شيء بقلبك إنه أمر لا يمكن وصفه بالكلمات».