تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - ، افتتح معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة اليوم المؤتمر الدولي لأنماط الحياة الصحية والأمراض غير السارية في العالم العربي والشرق الأوسط الذي يستمر ثلاثة أيام بالعاصمة الرياض. وبدئ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم ، ثم ألقى معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة كلمة نقل فيها تحيات وترحيب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله - ، وقال في مستهل الكلمة : كلفني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - أن أنوب عنه افتتاح هذا المؤتمر المهم ، مرحبا بالوقت ذاته بالجميع في المملكة. وأضاف معاليه : لقد دعت الأديان منذ فجر البشرية الإنسان إلى الاعتدال في المأكل والمشرب والأخذ بكل ما يحقق له حياة صحية آمنة ومن ثم سعت جميع الأنظمة الصحية إلى حث الشعوب على إتباع الأنظمة الغذائية الصحية وممارسة النشاط البدني وتغيير نمط الحياة بما يحفظ للإنسان صحته وسعادته. وبين أنه وبالرغم من هذه التعاليم والإرشادات الراسخة إلا أن العالم الحديث يواجه وباءا كبيرا وأمراضا خطيرة تهدد حياة الإنسان وتستنزف موارده الاقتصادية. وأوضح أن الإحصاءات الحديثة أكدت أن الأمراض غير السارية ممثلة في أمراض القلب والأوعية الدموية ،السكر،والجهاز التنفسي،وأمراض الكلى والعيون والأورام وغيرها من الأمراض غير المعدية التي تودي بحياة 36 مليون نسمة سنويا ، ومتوقع أن تصل إلى 52 مليون نسمة عام 2030م وتمثل السبب الرئيسي للوفيات في العالم ، كما ما زالت في تزايد مخيف بسبب تفشي السمنة وتعاطي التبغ وإهمال النشاط البدني وغيرها من المسببات التي يمكن الوقاية منها. وأفاد الدكتور الربيعة دفعت هذه المؤشرات الخطيرة الأممالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية والحكومات والهيئات الصحية على تبني مخاطر الأمراض غير السارية في مقدمة أولوياتها ، بالإضافة إلى أنها حثت الدول إلى وضع خطط متكاملة وشاملة للوقاية من هذه الأمراض والتوعية المستدامة بمخاطرها بمشاركة جميع الوزارات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص لما تمثله هذه الأمراض من تحد كبير ووباء عام يهدد المجتمع بأكمله. وقال معاليه : ومن هذا المنطلق دعا خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - لإقامة هذا المؤتمر الكبير بعاصمة العلم والحضارة الرياض وحظيت الدعوة الكريمة بمباركة منظمة الصحة العالمية ومجلس وزراء الصحة العرب ومجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي. ونوه معاليه بمشاركة هذا العدد الكبير من القيادات ذات العلاقة من وزراء وعلماء وخبراء ومهتمين يؤكد بجلاء مدى التفاعل والاهتمام والتجاوب السريع للتصدي لهدا الحدث الخطير آملين الخروج بتوصيات علمية وعملية تمكن المنطقة والعالم من وضع خطط تنفيذية سهلة التطبيق لمكافحة الأمراض غير المعدية والوصول إلى مجتمع يعيش حياة صحية آمنة. وعبر في ختام كلمته عن شكر الله تعالى ثم شكر خادم الحرمين الشريفين ، وسمو نائبه - حفظهما الله - وشكر أصحاب السمو والمعالي والفضيلة والحضور الكرام وكل من أسهم وشارك ودعم هذا الجمع العلمي الكبير ، سائلا المولى جل وعلا أن يوفق الجميع إلى ما يحب ويرضى فهو ولي ذلك والقادر عليه.عقب ذلك ألقى وكيل وزارة الصحة للصحة العامة الدكتور زياد ميمش كلمة عبر فيها عن شكره لمعالي وزير الصحة وافتتاحه المؤتمر نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ومتابعته لكل ما يتعلق بالشأن الصحي في المملكة العربية السعودية والعالم العربي والعالم أجمع. وقال : إن الأعباء والتهديدات الناتجة عن الأمراض غير المعدية تمثل أحد أكبر تحديات التنمية في القرن الواحد والعشرين على المستوى العالي. وبين أن هناك العديد من عوامل الاختطار المشتركة بين الأمراض المعدية ، وعلى الرغم من أن بعض هذه العوامل لا يمكن تغييرها أو التحكم بها مثل العمر ونوع الجنس والتكوين الوراثي فإن العديد من عوامل الاختطار السلوكية يمكن التحكم بها ، إضافة إلى بعض العوامل البيولوجية المرتبطة بها كارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن أو السمنة ومرحلة ما قبل السكري ، كما يتأثر السلوك ويتشكل طبقا للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي بدورها تؤثر بطريقة غير مباشرة في العوامل البيولوجية الأخرى وتحديد تلك العوامل والظروف المشتركة يشكل المفهوم الأساسي للتعامل بطريقة متكاملة مع الأمراض المزمنة. وأكد الدكتور ميمش أن المملكة العربية السعودية سعت للعمل مع المنظمات المحلية والعالمية ذات العلاقة وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية ، بالإضافة للعديد من المنظمات الأخرى للتوصل لحلول لمجابهة الأمراض غير المعدية وما ينتج عنها من أعباء مادية وبشرية. وأوضح أن القطاع الصحي بمجمله غير قادر على معالجة مشكلة الأمراض غير المعدية التي تطورت على مدى عقود من التحولات في أنماط الحياة مما يوجب التعاون على كل المستويات المحلية والإقليمية والعالمية لمجابهة هذا الخطر الداهم ويتطلب منا الالتزام بتقليل عوامل الاختطار وإقامة بيئة صحية وتعزيز السياسات الوطنية والأنظمة الصحية وتقوية التعاون والمشاركة الدولية والبحوث والتطوير. وأكد أن المؤتمر يعد فرصة ثمينة لتبادل الخبرات والتجارب ورسم السياسات الصحية ووضع الاستراتيجيات التي من شانها تعزيز الصحة العامة والحد من عوامل الاختطار للأمراض غير المعدية الذي نطمح من خلاله للتوصل إلى توصيات بناءة وهادفة وقابلة للتطبيق. بعدها ألقى المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الدكتور علاء الدين العلوان كلمة ركز فيها على أن الأمراض غير السارية تعد مشكلة جسيمة تؤثر على التنمية الصحية في بلدان الإقليم ، وخطورة المشكلة تتجاوز القطاع الصحي لتؤثر على التنمية الاجتماعية والاقتصادية برمتها ، إضافة إلى إمكانية التوقي من الأمراض غير السارية ، وأن الالتزام السياسي رفيع المستوى والتعاون المتعدد القطاعات من الأمور الضرورية للنجاح وأن الإعلان السياسي يقدم خارطة طريق توجه عمل الدول الأعضاء للتصدي للأمراض غير المعدية. وأعرب عن أمله أن يثمر هذا المؤتمر ويودي إلى ترسيخ التزامات جميع الدول بتنفيذ هذه المقتضيات وأن تمضي منظمة الصحة العالمية قدما في بدل ما في وسعها لدعم البلدان وتقوية برامجها وإجراءاتها لدحر الأمراض غير السارية والتخفيف من وطأتها. فيما قالت الوزير المفوض ومدير إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية مسؤول الأمانة الفنية لمجلس وزراء الصحة العرب الدكتورة ليلى نجم أن جامعة الدول العربية وآلياتها المعنية بالصحة وفي مقدمتها مجلس وزراء الصحة العرب تولي اهتماماً بالغاً بتحقيق الأمن الصحي للمواطن العربي، وتوفير أفضل مستويات الرعاية الصحية له، مشيرة إلى أن مجلس وزراء الصحة العرب في دورته العادية ال(37) التي عقدت في العاصمة عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية في مارس 2012م أصدر قراراً بشأن الإعداد والتحضير للدورة الثالثة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية في العاصمة الرياض/ يناير2013، ونصت فقرته الرابعة على: "التأكيد على الدول الأعضاء المشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لأنماط الحياة الصحية والأمراض غير المعدية. وبينت أن هناك جهود قامت بها الغالبية العظمى من دولنا العربية في مجال الرعاية الصحية والاهتمام بإنشاء وحدات معنية بالأمراض غير المعدية تابعة لوزارات الصحة، بالإضافة إلى تعزيز السياسات والنظم الصحية ووضع الخطط الوطنية، إلى أن هذه الجهود لا تزال تحتاج إلى التكامل ودمج موضوع الأمراض غير المعدية في الاستراتيجيات والخطط التنموية ، وإدراجها في برامج الصحة الإنجابية وصحة الأم والطفل بين المؤسسات الحكومية والقطاعات ذات الصلة مع ظهور عدد من الأوبئة المستجدة من الأمراض غير المعدية. وأضافت أن الأمر يتطلب رسم خريطة لها وتحليل محدداتها التقنية والاجتماعية والاقتصادية كأساس لوضع السياسات والتدابير والتشريعية والمالية اللازمة من أجل دعم الوقاية ومكافحة الأمراض غير المعدية، إلى جانب العمل على خفض مستوى تعرض الأفراد والمجموعات السكانية لعوامل الخطر الشائعة والمشتركة للأمراض غير المعدية (التدخين، التغذية غير الصحية، قلة النشاط البدني ومسببات السرطان البيئية)، وتكثيف العمل المرتبط بتطبيق الاستراتيجيات الوطنية الهادفة إلى خفض العوامل وكذلك الاهتمام بدعم البحوث الوبائية لهذه الأمراض. وأكدت أن مكافحة الأمراض غير المعدية مهمة وطنية ومسؤولية يتشارك في تحملها والاطلاع بها المؤسسات الحكومية ذات الصلة مع التعاون مع المؤسسات غير الحكومية والمؤسسات المجتمعية. من جانبه قال معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني : إن إقرار أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس الخطة الخليجية لمكافحة الأمراض غير المعدية خير دليل على الوعي بحجم المشكلة حيث تم توجيه وزارات الصحة بدول المجلس بوضع خطط تنفيذية للخطة الخليجية للتصدي لهذه الأمراض بما يكفل توفير العلاج اللازم وإيجاد برامج مدروسة للوقاية من مخاطرها وتوعية المجتمع بهدف خفض معدلات الإصابة بها وتوفير الميزانيات اللازمة لدعم وزارات الصحة بدول المجلس للتصدي لهذه الأمراض. كما وجه المجلس وزارات الصحة والجهات ذات العلاقة بالتعاون والتكامل فيما بينها في البرامج العلاجية والوقائية لإيجاد أفضل وأنجع السبل لخدمة مواطني دول المجلس. وأضاف معاليه إن نجاح المنطقة في تحقيق هذه الخطة الطموحة مرهون بنجاحنا في تحقيق ركن أساسي من أركان العلاج ألا وهو الوقاية وإن تفشي الأمراض غير السارية في دول المجلس وبنسب عالية ومخفية يتطلب تسخير الجهود وتركيزها على الوقاية باعتبارها خط الدفاع الأول لمقاومة تلك الأمراض ومنع تفشيها لما تشكله من تهديد كبير لصحة أبناء دول المجلس وما تستنزفه من موارد مالية عالية ، مؤكدا أن تحقيق هذه الجهود والوقاية المطلوبة تتطلب الاهتمام بجانب أساسي آخر ألا وهو التوعية التي بدونها لن يكتب لجهودنا النجاح حيث أن التوعية المطلوبة تحتاج إلى جهود إعلامية مكثفة وبرامج تثقيفية متطورة ومدروسة وكفاءات قادرة على توصيل الرسالة الإعلامية بكفاءة واقتدار. وفي ختام كلمته عبر معاليه عن شكره وتقديره لمعالي وزير الصحة والعاملين معه على تنظيم هذا المؤتمر المهم والشكر موصول للمنظمات المشاركة والمتحدثين والباحثين ، متمنياً من العلي القدير أن تحظى توصيات هذا المؤتمر باهتمام المسئولين في وزارات الصحة والأجهزة الحكومية في الدول الأعضاء للتصدي لهذه المشكلة. وفي نهاية الحفل دشن معالي وزير الصحة الدكتور الربيعة المعرض المصاحب والمقام على هامش المؤتمر الذي تشارك فيه العديد من الجهات والمؤسسات ذات العلاقة. وقد أدلى معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة بتصريح صحفي رفع فيه باسمه واسم الجميع بالشكر والتقدير والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله لرعايته مؤتمر أنماط الحياة الصحي ومكافحة الأمراض غير السارية في العالم العربي ، مشيراً إلى أن الجميع سعيد بهذه التظاهرة العلمية العالمية العربية الخليجية ومشاركة زملاء لهم من وزراء وخبراء وعلماء في هذا المؤتمر. وأكد أن مشكلة الأمراض الغير سارية هي مشكلة ليست مقصورة على دولة في حد ذاتها وإنما هي مشكلة تعم العالم ، آملاً أن يخرج هذا المؤتمر إن شاء الله بتوصيات هادفة وبناء وسهلة التطبيق تتبنها الدول لهذه الأمراض تهدد حياة الإنسان في كل مكان. وقال معاليه : إننا حريصون أن تكون هناك شراكة مع جميع القطاعات سواء الصحية أو الإعلامية أو من ذات العلاقة من جميع الجهات على المستوى الوطني والخليجي والعربي والعالمي ، لأن التوعية هي أساس الوقاية من الأمراض الغير سارية ، ونتكاتف ونتعاون جميعاً للخروج ببرنامج توعوي مستدام يغير أنماط الحياة.