بات من الطبيعي جدا أن نسمع بتلك الحوادث المأساوية التي تحدث بين الفينة والأخرى في الكثير من مناطقنا ومحافظاتنا ، وبطبيعة الحال هذا نتاج طبيعي للقصور الواضح في كثير من الإدارات والمؤسسات الحكومية والخاصة ، فعندما يحدث فاجعة تقوم الدنيا ولا تقعد ، وكلٍ يرمي بالكرة في ملعب الآخر ، نستيقظ لكننا متأخرين كثيرا عن الركب بعد فوات الأوان ، لماذا لا نتحرك إلا بعد وقوع الكارثة ، وتأخذ بنا الحمية للقضية برهة من الزمن ثم نعود كما كنا ، وننتظر حدث مأساوي آخر .. ثم نتحرك أخرى .. ونفتح باب التصريحات من هنا وهناك وكل يتوعد الآخر والنتيجة ( راجع الهامش ) ترتفع أسهم سوق الصحف المحلية ، وتزيد المشاهدة للقنوات الإخبارية والرسمية ,,, الخ .. دون أن نجد حلول جذرية لحدوث مثل تلك المشكلات والأزمات التي طالما سمعنا بها بين فترة وأخرى تحرق الأخضر واليابس ، فمن فاجعة غريق إلى فاجعة حريق وبينهما ضحايا حادث فضيع راح ضحيته بضع وعشرون نفس بريئة .. ودائما تصب التصريحات والحلول على الأمور السطحية الظاهرية فقط ولا تتجاوز ذلك بل لا تتجرأ على الغوص والبحث في أعماق المشكلة ومحاولة اقتلاعها من جذورها .. من يستطيع أن يمنحني تقريرا ايجابيا عن مستوى التعليم في مجتمعنا ، كيف كان وكيف أصبح ؟ هل الكل راض عن مستوى التعليم وإداراته بجميع المراحل ؟ حتى المعلمون أنفسهم يعملون دون رضا ، والبعض مجرد تسجيل حضور فقط .. هل انتم راضون عن مستوى الطرق داخل وخارج المناطق والمحافظات ؟ هل وهل وهل .. ثم هل أنتم راضون عن أنفسكم أصلا ..؟ طبع البشر لا يرضى والقناعة لديه قد تكون أمر مستحيل إلا من رحم ربي فلا يمكن أن نكون راضون عما يدور حولنا أبد .. كنت سابقا تحت مظلة التعليم قبل ست سنوات تقريبا وحينها كنت ابصم بالعشرة أننا نعيش أسوأ عصر تعليمي على مر العصور ، وربما لا يقارن بعصر الكتاتيب .. من ذلك الحين ونحن نسير بالتعليم إلى مساحة ظلامية ، تخلف تربوي ، رجوع للخلف .. لا تعليم يحقق الهدف المنشود ، ولا بيئة تعليمية مناسبة ، ولا مخرجات تعليمية تخدم الوطن داخليا أو خارجيا ، ولا مناهج تناسب عصر التطور والتقدم ، والكثير الكثير من عدم الرضا .. والأمر حقا مؤسف وخطير جدا .. من خلال حوادث الأسابيع الماضية ما كان وما سيكون بأمر العلي القدير لكن بان لنا أن هناك خلل ، لكن صعب معرفة منبع هذا الخلل ، فكل جهة ترمي بالتهمة على الجهة الأخرى وفي الحقيقة كلنا مسئولين عن هذه الكوارث ، فيشترك في الذنب المسئول والآباء ، يشترك السائق ، بلديات ، طرق ، إدارات ، مؤسسات ، الخ مَن مِن الآباء سأل عن أهلية ذاك السائق الذي ينقل بناته من والى المدرسة يوميا .. من الأزواج تابع ذاك السائق المتهور الذي ينقل زوجته المعلمة من وإلى المدرسة .. ثم هل رأيتم أم سمعتم أحد مسئولي الإدارات يبادر بالسؤال عن سلبيات الإدارة التي يترأسها وما هي احتياجات البشر وما المعاناة التي تواجههم في تلك الدائرة .. لماذا ينتظر الشكوى حتى تصل إلى مكتبه .. هذا إن حصل ووصلت إلى مكتب سعادته .. وإلا فاني اجزم أن الكثير من الشكاوي والمعاملات لا تتجاوز غرفة السكرتارية وربما تصل إلى برميل النفايات قبل أن تصل لأي مكتب ، فقط يتحرك عندما يتبنى الإعلام قضية تقع تحت مسئوليته وغير ذلك لا أرى لا أسمع لا أتكلم . كلنا نشترك في الحادث ، نعم كلنا مسئولين .. من أسر ، وتعليم ، وطرق ، ومرور ، و ... و ... كل من له علاقة بذلك الحادث أو تلك الفاجعة نعم كل أولئك كان عنه مسئولا .. فقط أقول لهم اتقوا قوله تعالى : ( وقفوهم إنهم مسئولون ) وفي العموم ليس الخلل في التعليم فقط ... وليست المشكلة براعم الوطن وحدها.. ولا حادث حائل ولا حوادث جازان ، هي منظومة مشاكل تحتاج حل جذري ، انظر حولك ستجد الكثير والكثير من الأخطاء والسلبيات التي لا حصر لها .. فقط لو كل مسئول أو مدير إدارة بحث عن مكمن الخطأ لصلح كثير من الأمر ، ولكن تظل الأمانة مرة إلا لمن حرص عليها .. المهم أن نتحد لتلافي كل تلك السلبيات من مجتمعنا .. ولمن يصطاد بالماء العكر أقول له بصوت عالي : أصمت فبلادنا عزيزة رغم أنوفكم .. وكفى بالله وكيلا . أخوكم : طلال الثبيتي غرة محرم 1433 ه كل عام وأنتم وبلادكم بخير