كشفت دراسة حديثة أن استهلاك الفرد السعودي من المياه يزيد بنسبة 91% على معدل الاستهلاك العالمي. وذكرت دراسة شركة «بوز أند كومباني» أن الإمارات تحل ثانياً بنسبة 83%، وتتخطى هاتان النسبتان بست مرات معدلَ الاستهلاك في بريطانيا. كما أن قطر وعمان تتجاوزان المعدل العالمي لاستهلاك المياه، رغم المناخ الصحراوي فيهما. وأفادت بأن الزراعة تحصل على نحو 80% من المياه المستهلكة في دول الخليج. مشكلة خطيرة وأشارت الدراسة إلى أنه مع تجاوز النمو السكاني في دول الخليج نسبة 2% سنوياً، وفي ظل التوسع السريع لاقتصادات المنطقة، هناك إقرار متزايد داخل العديد من الحكومات بعدم إمكان تحمل المعدلات الحالية لاستهلاك المياه. وقال الدكتور وليد فياض، وهو شريك في «بوز أند كومباني»، ويعمل في قطاع الطاقة والمواد الكيميائية والمرافق، إن شح المياه أمر واقع في كل بلد عربي تقريباً، وفي حال عدم إجراء تغييرات سوف تواجه هذه البلدان مشكلة خطيرة. إصلاح الزراعة ولفتت الدراسة إلى أن هناك عدداً من الطرق التي تمكّن دول الخليج من ضمان استدامة إمدادات المياه، ومنها إصلاح الزراعة التي تستخدم نحو 80% من المياه المستهلكة في الخليج، رغم ضعف إسهامها في الناتج الإجمالي، ورأى فياض أن «هذا الأمر غير ملائم تماماً؛ لذا يتعين تغييره»، وبالإضافة إلى تلبية المزيد من متطلبات المنتجات الطازجة من خلال الاستيراد، سوف تحدد بلدان خليجية الزراعة في المناطق التي تتوافر فيها موارد مياه متجددة، وستشجع المزارعين المحليين على التركيز على المحاصيل التي تحتاج إلى كميات مياه أقل، وصيانة وتحسين نظم الري، واعتماد تقنيات ريّ «ذكية». توعية المستهلكين ورأى فياض أن هناك نقصاً عاماً في التوعية في المنطقة، وأرجعه إلى الإعانات التي تحجب التكاليف الفعلية وتخفي فداحة الوضع، مضيفاً أن «الطريقة الوحيدة التي ستغير الوضع هي في حال فهم الشعب أن هناك مشكلة وبات جزءاً من الحل»، فمن شأن أنظمة أكثر تشدداً حيال فعالية الاستخدام اليومي -بما في ذلك الصنابير والمراحيض- أن تبرز أهمية المحافظة على المياه، وتؤدي إلى خفض معدل الاستهلاك المنزلي. إصلاح هيكل التعريفة وقال ليس من الضروري أن تغطي الحكومات جميع تكاليف توفير المياه واستهلاكها في بلدانها، ورأى أن الإفراط في استهلاك المياه يظهر التبعات غير المقصودة لكرم الحكومات في هذا القبيل، ودعا الحكومات الخليجية إلى إعادة تصميم هياكل تعريفة المياه؛ حتى يكون التسعير على أساس الاستهلاك، حيث يدفع المستهلكون بكميات كبيرة التعريفة الأعلى، ومن ثم تقليص الهدر، وتوجيه الإعانات لتأمين مياه الشرب للمقيمين الأكثر فقراً، ودعم النمو الاقتصادي. استثمارات التحلية وأوضحت الدراسة أن التحلية ترتّب تكاليف اقتصادية وبيئية باهظة، فرغم التحسن بنسبة خمس مرات لناحية تخفيض التكلفة منذ 1979، فإن تكلفة دولار واحد لتحلية متر مكعب من المياه المالحة مازالت عالية نسبياً لإنتاج مياه الشرب، كما أن تحلية مياه البحر مستنفدة للطاقة؛ إذ تستهلك الطاقة ثماني مرات أكثر من مشروعات المياه السطحية، وتستحوذ على نسبة تتراوح بين 10 و25% من استهلاك الطاقة في مجلس التعاون. وتوقعت الدراسة أن تستثمر دول مجلس التعاون أكثر من 100 مليار دولار في قطاعات المياه حتى عام 2016، مع تخصيص جزء من هذه الاستثمارات لتحسين تقنيات تحلية المياه المالحة؛ ما قد يتطلب اللجوء إلى الطاقة الشمسية، أو إلى طرق جديدة لتصفية الملح أو جعله يتبخر.