حرم بعض المحتسبين والمتشددين مئات الشباب والجماهير في حفر الباطن من الاستمتاع بالعرض الثاني من مسرحية “شلة الفيس”، التي كان مقرراً مساء أمس على مسرح إدارة التربية والتعليم، ضمن فعاليات الأيام الثقافية التي تقيمها وزارة الثقافة والإعلام خلال إجازة منتصف العام، حيث أصدر محافظ حفر الباطن عبدالمحيسن العطيشان قراراً مفاجئاً بإلغاء إقامة المسرحية قبل وقت عرضها بساعات قليلة، بحجة أن أمر الإلغاء جاء من إمارة المنطقة الشرقية، بناء على الملاحظات التي رفعتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حفر الباطن، بعد مشاهدتهم للعرض الأول، مطالبين بإلغاء بعض المؤثرات الصوتية في المسرحية. ووقع خبر الإلغاء كالصاعقة على فريق المسرحية، حيث دخل معظم أبطال المسرحية، وفي مقدمتهم بشير الغنيم، ومحمد المنصور، في نوبة بكاء شديدة في مقر سكنهم بفندق هوليداي إن. ووصف مدير الأنشطة الشبابية والمهرجانات بوزارة الثقافة والإعلام، الأمير سعود بن محمد بن مساعد بن جلوي، ما حدث بالمؤسف، مستغرباً منع عرض مسرحية سبق وأن تم عرضها في مدن سعودية أخرى، كالرياض، وقال “نحن حقيقة لا نعرف سبب إلغاء هذه المسرحية التي سبق وتم عرضها ضمن فعاليات أمانة الرياض، وهي مرشحة لإعادة عرضها مرة أخرى، وما نعتقده أن ما يجوز في الرياض يجوز في حفر الباطن، فنص المسرحية مجاز من الوزارة، ولا يوجد أي مخالفات مما يدعيه بعضهم، ولكن بما أن الأمر جاء من المحافظ، فهو الحاكم الإداري، وليس علينا إلا تلبية رغبته”. وكشف الأمير سعود بن محمد أن الشاعرات اللاتي كان من المقرر أن يحيين أمسية شعرية نسائية اليوم قدمن اعتذارهن عن الحضور لحفر الباطن بعد معرفتهن بخبر إلغاء المسرحية، واصفاً موقف المسؤولين في محافظة حفر الباطن بالسلبي، جراء ما حدث، ومعتبراً أن لديهم حق الفيتو في كل ما يتعلق بالمرأة، وأضاف “نحن جهة رسمية، وليست خاصة، وقدمنا للمحافظة بطلب من المسؤولين في المنطقة الشرقيةوحفر الباطن، وسبق أن أرسلنا لهم البرنامج في وقت مبكر، ولم يحدث الاعتراض، ولو كنا نعلم ذلك لما قدمنا مع فريق المسرحية، ومن المفترض إن كان لديهم وجهات نظر أن يجلسوا مع المخرج مبكراً ويناقشوه في محتوى المسرحية”. وزاد “عندما يقولون أن المنع جاء من إمارة المنطقة الشرقية، لأن الصورة لم تنقل بشكلها الصحيح من المحافظة، وللأسف الشديد أن المحافظ لم يقف معنا، والغريب حقاً أن يستسلم المسؤولين لآراء الآخرين”. من جهته، عبر مخرج مسرحية “شلة الفيس” علي الغوينم عن حزنه وأسفه الشديد لما حدث، مؤكداً أن المسرحية لا تحتوي على أي مخالفات، وتحكي عن مظاهر اللحمة الوطنية بين مجموعة من الشباب، وقال “نحن سعيدون بقدومنا لمحافظة حفر الباطن، وجميل أن الجمهور شاهدنا في العرض الأول، وتفاعل معنا، وشجعنا كثيراً، وكنا نأمل أن يشاهدنا جمهور أكبر في العرض الثاني”. في حين قال بطل المسرحية بشير الغنيم إنه حزين على حرمانه من لقاء الجمهور في العرض الثاني، واستغرب أن يتجاهل المسؤولون في محافظة حفر الباطن سماع وجهة نظرهم كقائمين على المسرحية، وقال “كيف يسمعون الطرف الآخر، ولا يسمعون رأينا، وهذه المسرحية مصرح لها من أعلى سلطة، فكيف يتم منعها بهذا الشكل”. في حين عد الشاعر أحمد الحربي، والإعلامي يوسف السالم، ما حدث من قبل الجهات وصاية على الفكر والفن، مستغربين أن تتم المسألة بهذه السهولة، وقال السالم “لقد حضرت العرض الأول، واستمتعت بالفن الجميل الذي قدمه أبطال المسرحية، ولا أدري لماذا تتجاهل المحافظة آراءنا، وتصدق آراء بعض الصغار الذين ليس لديهم رؤية ناضجة عن الفن”، مؤكداً أن هذه الحادثة ستمنع المحافظة مستقبلاً من تلبية احتياجات المثقفين والفنانين فيها. وحاولت “الشرق” أمس التواصل مع محافظة حفر الباطن، في حين أن مدير مكتبه خالد صالح الغامدي رفض علمه بخبر الإلغاء، مشيراً إلى أن القرار ربما صدر من قبل الشؤون الأمنية، في الوقت الذي أكد فيه عضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رفض ذكر اسمه أن الاعتراض ليس على الموسيقى فحسب، بل على إظهار مظهر الملتزم دينياً بشكل غير لائق في المسرحية، بحسب ما ذكره. وكانت المسرحية النسائية “صرقعة وفرقعة” تجاوزت أزمة احتمالية عدم عرضها، حيث تم البارحة عرضها الأول على مسرح مدارس المحافظة للبنات، وأما الشاعران فاروق بنجر، وأحمد الحربي، فيشاركان اليوم في أمسية شعرية بعد صلاة المغرب في مدارس المحافظة للبنين. جمهور العرض الأول استمتع كثيرا بالمسرحية (حماد الحربي)