ثلاث فرص انتظرتها واحدة تلو الأخرى.. أفلتت اثنتان وأفلحت الثالثة.. الفرصة الأولى قبل أن تتزوج.. والثانية بعد زواجها الذي لم يدم طويلاً، فقد توفي زوجها وترك لها طفلين.. أما الفرصة الثالثة فقد واتتها هذا العام، ووقعت عليها القرعة لتكون واحدة من حجاج المغرب الذين مَنَّ الله عليهم ليكونوا ضمن بعثة الحج المغربية. مرت الحاجة فتيحة بتجربة مرة إلى أن تمكنت هذا العام من الحج مع ابنها، حكتها ل «الشرق» ممزوجة بالدموع والألم. الحاجة فتيحة شنق (تصوير: أحمد جابر) فهي امرأة معاقة ولا تستطيع مفارقة الكرسي المتحرك الذي تقوده ابنتها. على بعد أمتار ليست بالكثيرة عن جبل الرحمة في مشعر عرفات، تجلس الحاجة المغربية المعاقة فتيحة شنق على كرسيها المتحرك الذي لا تستطيع مفارقته، رافعة يديها إلى السماء خاضعة خاشعة في الدعاء، عل الله أن يتقبل منها هذا النسك، اقتربت منها ففتحت قلبها لتروي قصتها، مع حلم الحضور إلى المشاعر المقدسة الذي راودها لأكثر من 30 سنة. تقول الحاجة فتيحة: كنت أحلم بالحضور إلى الحج قبل أن أتزوج ولكن ظروفي المادية لم تسمح لي، فتزوجت وكان الأمل في أن أحج برفقة زوجي، ولكن ظروفه لم تساعده هو الآخر عند زواجنا، وتوفي بعد فترة ليست بالطويلة من زواجنا، بعد أن أنجبت منه بنتاً وولداً. وتضيف قائلة: منذ اللحظة التي توفي فيها زوجي وأنا لا أنظر إلا إلى الله ثم إلى طفلي الذي كنت أرقبه يوما بعد يوم من أجل أن يكبر لأحضر معه إلى الحج بمعيته، ولله الحمد كبر ابني واستطاع أن يكوِّن نفسه ويحقق حلم عمري بالحضور إلى هذه البقعة الطاهرة. وتتابع الحاجة فتيحة قائلة: لا يوجد في هذه الحياة أجمل من أن يختارك الله من بين سائر خلقه لتشارك هذه الجموع في التلبية والدعاء، وهذا أمر أشكر الله -عز وجل- عليه، وأسأل الله أن يكتب التوفيق لكل من ساهم في حضوري في هذا العام لأداء مناسك الحج.