أرض واسعة ومساحة كبيرة.. غُرس في جزء منها مبنى ضئيل متهالك.. وعجز هذا المبنى عن أن يزحف ويتوسع ليستفيد من الأرض البور المترامية الأطراف.. الواقع بين أحضانها.. تلك هي محكمة الجبيل التي تقع على حافة شاطئ البلد.. وهي من أقدم محاكم المنطقة الشرقية، حكمت في عديد من القضايا المالية والإدارية والأسرية.. وكانت ولا تزال تمتلك كثيراً من الغموض بين أروقتها. دخلت «الشرق» ردهات مبناها وتجولت بين أقسامها، وأول ما يلفت الانتباه ذلك المبنى ذو المساحة الشاسعة بالنسبة للأرض المقام عليها، وصغر مبناها الرئيس.. ذي جدران متهالكة ومكاتب متناثرة يمنة ويسرة دون تنظيم، وقبل هذا يقع في ساحة المواقف كشك كُتب عليه (انتظار للنساء)، يقف شاهداً على أكثر قضايا المرأة في الجبيل، ويحتفظ بكثير من الحكايات لنساء احتضن هذا الكشك هتافاتهن قبل انتهاء قضاياهن. مرَّت أزمنة على هذا المبنى المتهالك، على الرغم من أهميته، إلا أنه يعيش بين جدران الماضي العتيق قضايا لا تعرف أنصاف الحلول. مدخل الدور الثاني وعلى الرغم من تقدم المحكمة في التكنولوجيا واستخدام برامج تقنية إلكترونية جديدة إلا أن مبناها لا يزال يعيش في زمن آخر غير هذا الزمان. ما إن يطأ المراجع عتبة ذلك المبنى إلا ويرحل إلى زمن الحكايات الغابرة والزمن الجميل، فأبوابها قديمة وشبابيكها عتيقة ومراجعوها خارجون يهزون رؤوسهم ويجرون معهم معاناتهم، فرحين بما حُكم لهم، أو يلفهم الحزن بما حُكم عليهم. تتألف المحكمة من سبعة مكاتب للقضاة بواقع قاضٍ لكل مكتب، أما عدد الموظفين فيبلغ أربعين موظفاً. ويتألف الدور الأول من مكاتب القضاة السبعة بالإضافة إلى مكتب الاستقبال.أما الدور الثاني فيضم مكاتب الوكالات والصكوك والعقود وفيه أربعة مكاتب. المواعيد بعيدة يقول سعيد الأحمري بحسرة: قدمت عريضتي اليوم وأعطوني موعداً بعد عام من الآن. متسائلاً: متى ستحل قضيتي ومن يضمن عمري لأخذ حقي؟ ويضيف: إذا كان موعدي بعد عام، فمتى يكون موعد الذين جاءوا من بعدي؟ ويزيد على ذلك مواطن آخر عايش محمد: متى تنتهى معاناتنا التي تأخذ سنين طويلة للنظر فيها؟ هل هي قلة قضاة أم كثرة قضايا؟ متسائلاً بحرقة: إذا كان هذا حالنا فكيف بمن يسكن مدناً كبيرة كالرياض أو جدة؟ إنها معاناة بالفعل. كشك للنساء كشك انتظار السيدات خارج المبنى وتقول أم نايف: كم من السنين مرَّت وهذا الكشك يحتضن قضايا المرأة في الجبيل؟ أليس هناك مكان أفضل من هذا الكشك؟ وتقول: المساحات شاسعة داخل سور المحكمة لماذا لا يضيفون مبنى للمرأة يمكنها من مراجعة قضاياها فيه؟ الأبواب متهالكة وانتقد أنور العتيبي وضع أبواب المحكمة قائلاً: ما يجعلك تستغرب هو تهالك أبواب المحكمة وقِدمها.. وقال: مع أن المحكمة تقدمت من الناحية الإلكترونية وإنجاز المعاملات إلا أن مبناها لا يزال يشتكي من قلة الاهتمام، ولا يوجد هناك أي تجديد في الصيانة أو تغيير الأبواب وغيرها. صكوك معلقة ويقول عايض: محكمة الجبيل أصبحت مقبرة لكثير من القضايا التي ينتظر أصحابها النظر فيها، فهناك كثير من القضايا المعلقة. ويضيف: هناك أراضٍ معلقة أوقفت المحكمة إفراغها ولا نعلم لماذا! الموقع الجديد موسى الزهراني اكتفى بالقول: إن محكمة الجبيل تتأهب للانتقال إلى موقع قد يغير من حالها.. وقال: قد تغير جلدها مع تغير موقعها. ولعل الزمن كفيل بهذا، ننتظر ما ستسفر عنه الأيام القادمة عند تسلم موقعها الجديد الذي وهبته الهيئة الملكية لها، وحسبما سمعنا من تصريحات، فإن المبنى سيكون جاهزاً خلال نهاية هذا العام. الدوام قصير أما منصور العلي فيقول: دوام القضاة قصير جداً، والقضايا كثيرة، ما يعطل انتهاء القضية نظراً لضيق الوقت، ويضيف: لا شك أن مع إدخال التكنولوجيا فيها حدَّ من هذه المعاناة قليلاً، لكن ما زال الأمر على حاله. في انتظار الرد من جهة أخرى، تم الاتصال برئيس محكمة الجبيل الشيخ عبدالله البهلال، للرد على ما جاء في شكاوى المواطنين، منذ عشرة أيام، وتم التواصل معه عدة مرات عن طريق الجوال، لكنه لم يرد حتى مثول التقرير للطبع.