بالأمس أقمنا الدنيا وأقعدناها على رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبداللطيف آل الشيخ، خاصة بعد حادث الأخوين ناصر وسعود القوس، بل وجعلناه كبش محرقة وكأنه هو المسؤول عن أخطاء كافة العاملين والمنضوين تحت مظلة جهاز الحسبة. ما أذكره جيداً، أن الرجل ومنذ تسنمه مهام منصبه وهو لايفتأ يردد على أسماعنا وفي كافة اللقاءات التي تجريها معه وسائل الإعلام بأنه يعمل من أجل إعادة تصحيح مسار هذا الجهاز الذي يعد الأكثر التصاقاً بالحياة اليومية الأمنية للمواطن السعودي. ومن المؤكد أن أي مؤسسة -بغض النظر عن نوعها- يتباين غالباً مجمل العاملين بها في اتجاهاتهم الفكرية. فعملية الاختلاف هي سنة كونية ومن الطبيعي أيضاً أن نجد أفراداً من التيار الحركي التكفيري. كما أننا نعي جيداً أن المحصلة النهائية للفكر الديني المتطرف هي عملية تكفير شاملة تبدأ من أعلى الهرم مروراً بالقيادات والأجهزة الأمنية وانتهاء بجميع أبناء الدولة الذين لا يشاركونهم ذات التوجه ونفس الأفكار المتطرفة. ومن هنا فعلينا أن ندرك جيداً أن هؤلاء الظلاميين إن وجد بعضهم في الهيئة فهم عندما يمارسون عملية الاحتساب فإنما يمارسونها منطلقين من فكرة مفادها فسوق وفساد الجميع وإنهم هم فقط ومن يشاركونهم ذات التوجه أصحاب العصمة وذوي الصلاح والفرقة الوحيدة الناجية من النار. وهكذا فعلينا عند وقوع أي حادثة يتم من خلالها تلمس أي خطأ أو تقصير أو تجاوز أو سلبية في التعاطي من قبل أفراد ينتمون إلى الهيئة، أن لا نتسرع لإلقاء اللائمة على جميع المنضوين تحت لواء هذا الجهاز. الذي يعد أولاً وأخيراً أحد الأجهزة الدعوية التي تمارس شعيرة دينية وتشارك بجهد أمني ملموس. فالهيئة هي أحد أجهزة البلد وهي تعمل لنا ومن أجلنا وجميع العاملين بها هم من أبناء شعبنا الكريم ولو كانت هناك بعض التجاوزات أو الأخطاء فعلينا أن لا نعمم الخطأ على الجميع وننصب المشانق لجميع العاملين بها ونتهمهم جميعاً بالتقصير وبتجاوزات تصدر من أفراد قلائل غالباً ما ينطلقون من أيديلوجيات خاصة ويعملون وفق أفكار واتجاهات ذاتية. كما أن عملية الحسبة، في أحد أوجهها، وأعني بذلك تقديم النصح باللين ودعوة الناس بالتي هي أحسن هي شعيرة جميعنا نمارسها ليل نهار سواء مع من نلقاه من المعارف أو الأقارب أو مع من نلقاه في أحيائنا وبلداتنا وقرانا ونجده يقارب أي نوع من الخطأ السلوكي أو التعامل السلبي، أي أننا جميعنا محتسبون بوجه أو بآخر. ننطلق من فكرة العمل على الإصلاح المجتمعي وإيجاد مجتمع تشيع فيه الفضيلة وتندثر فيه الرذيلة. لست في معرض الدفاع عن الهيئة ولكني أفكر بعقلانية وأنظر لصالح البلد وهاهي دعوة أوجهها للجميع مواطنين وإعلاميين ومسؤولين، لندع الهيئة تعمل ولنعط من على رأسها الوقت والدعم ليعمل وليصحح أخطاء جهازه حيثما وجدت. ودعونا يداً بيد نعمل للصالح العام لوطننا ولمواطني مملكتنا الحبيبة. وأن نتكاتف مع جميع الأجهزة الرسمية والأمنية لإنجاح ممارساتها الميدانية فكلنا نحب هذا البلد ونعمل جاهدين لرفعة هذا البلد وإن اختلفت مراكز العمل واختلفت زاوية الرؤية.