يمثل كتاب «سماء عليلة» للشاعر البحريني قاسم حداد شذرات تتنوع بين الحب والدين والسياسة والكتابة والموت والعزلة والأحلام، وبالتالي فهو أنموذج حياتي وإنساني لتجربة طويلة للشاعر تتسع فيها الصورة الشعرية والنثرية لتصبح غذاء للروح وللغة ذاتها. هذه الشذرات المقتضبة بإمكانها أن تستوعب الحالة التنويرية المبنية في مخيلة الإنسان العربي، وبإمكانها أن تطمس كل عوالم الهشاشة التي رسخت في تلك المخيلة لتتمكن بعد ذلك من بناء شخصية هذا الإنسان بشكل علني. إذن هي مشروع انتمائي للمكان والزمان رغم هيمنة السلطة ورجال محسوبين على الدين. «سياسيون يرهبونك باسم الشعب، دينيون يرهبونك باسم الله» هذه الشذرة التي ستخلد في ذهنية الإنسان العربي لأنها تحلل تلك الكائنات المتسلطة باسم الشعب والدين، ومثل هذه الشذرة كثير مما تناوله قاسم حداد فهو يرصد مواقف الحياة من خلال تجربته الحياتية الممتدة عبر الفن والشعر والأمل رغم التفكير في حالة الموت «هل حدث أنك متّ ذات مرة؟ لم أعد أرى في سيمائك ما يشي بأنك موجود». إن القيمة الفنية التي يقدمها هذا الكتاب ليست أقل أهمية مما تقدمه هذه الشذرات من حكم إنسانية تدلل على مفاهيم مثالية يسعى قاسم أن تكون مرحلة لاستقراء الذات العربية ومحاولة إنطاقها لِتَنَالَ حقها الدائم. يقول في إحدى شذراته «ليست بلادك التي تجبرك، لكنها التي تجيرك من الغربة في السفر والإقامة».