سعيد شهاب تنطلق قوافل الصيادين تتلقف أسراب الطيور المهاجرة في كل موسم فتحصدها بالآلاف في ظاهرة مزعجة وخارجة عن نطاق الهواية أو الرياضة التي يقبلها العقل أو تستقيم مع المنطق السليم، كانت أسراب الظباء تجوب صحارى الجزيرة العربية، ورفوف الحبارى تجوب سماءها، وأنواع الكائنات الجميلة تعمر فيافيها، حتى تكاثرت السيارات، وتوفرت بنادق الصيد الآلية في أيدي الجشعين المتمادين، في تتبع متعتهم دون اكتراث لتبعاتها على الحاضر وعلى المستقبل، انهمكوا يتتبعون الطرائد في بطون الأودية وفي شعف الجبال حتى انقرض أكثر أنواع الحيوانات البرية، ولم يبق سوى ذكرها وصورها في الكتب أو القليل منها في حدائق الحيوان، ولأن حمى الرفاهية ليس لها حدود فقد تمادت حملات الصيد الجائر فاستؤجرت المزارع، ونصبت الشباك، وسخرت العمالة لتلقف الطيور المهاجرة وحصدها بالجملة، لتجميدها أو لبيعها في ظاهرة غريبة في مجتمع يستعيب بيع الصيد!، كانت أسراب القطا تملأ السماء وتعمر الفيافي المعشبة في مواسم الربيع تطرب الأسماع بأصواتها الجميلة لكنها أصبحت اليوم ذكرى يتداول صورها ومقاطع أصواتها الهواة في هواتفهم، أما الأطفال فيسمعون عمّا كان يعمر صحراءهم يوماً من أنواع الحيوانات والطيور الجميلة فلا يكادون يصدقون! ، توفر أسلحة الصيد بأنواعها، والسيارات الحديثة المجهزة، وقلة الوعي لدى الهواة، وتراخي الأنظمة المقيدة والمنظمة لعمليات الصيد، وما بسطه الله لنا من الأمن والرخاء فأسأنا استغلاله، عوامل ساهمت إلى حدٍ بعيد في إفناء الحياة الفطرية في صحارى المملكة، لماذا نسيئ في حق الوطن ومقدراته فنسرف في الاحتطاب والصيد كأنما لا نعي مسؤولياتنا الدينية والأخلاقية والنظامية، تجاه بيئتنا ومحيطنا الذي نعيش فيه وسيعيش فيه من بعدنا أبناؤنا، لماذا لا نحترم التوازن الطبيعي الذي رتبه الله بحكمته لتستمر الحياة الفطرية، ولأن النظام ربيب القوة فلا بد من قوانين واضحة ومفعلة بصرامة تتابع وتنظم لتحد من عمليات الصيد الجائر قبل أن يأتي موسم هجرة الطيور فلا يمر من سمائنا طائر يرف بجناحيه.