عند قراءتي أي قرار أو تصريح تصدره جامعاتنا في المملكة عن مخرجات الابتعاث أشعر بالاستغراب. حيث إن جامعاتنا الكريمة لاتثق بمخرجاتها ولا بمخرجات الابتعاث، مع العلم بأن كثيراً من أعضائها الكرام هم عبارة عن «مخرجات ابتعاث» أو تعليم داخلي، وكثيراً من هذه المخرجات موجودة فيها، منذ أن كنا أطفالاً نلعب مع أبناء الجيران في «الحارة»، وها أنا اليوم أصبحت راشدة وأكملت البكالوريوس والماجستير والآن الدكتوراة، ولكي أكون عادلة -أطال الله في أعمارهم- لم نقرأ للبعض منهم أي تطور ملحوظ أو أبحاثاً منشورة. إضافة لذلك نرى أنهم لم يتغيروا منذ أن كنا طلبة ندرس تحت إشرافهم، حتى تخرجنا وعُدنا بشهادات تعادل شهادتهم، ومع هذا نجد أن البعض لديه الجرأة ألاَّ يثق بمخرجات الابتعاث!! أليس من الأولى نحن كمبتعثين عائدين بالشهادات العليا أن نعلن صدمتنا ونصرح بأننا بعد أن شاهدنا الفرق بين التعليم العالي لدينا والتعليم في دول الابتعاث، بألاَّ نثق ببعض أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا الكرام!! أو نقول إننا لم نعد نثق بجودة نظام تعليمنا ككل!! مخرجات الابتعاث التي مازالت لم تعجب بعض الجامعات أوالشركات الوظيفية، لم تأخذ فرصتها التي تستحقها، حتى في وجود عدد من برامج الاستقطاب التي تكاد تكون وهمية. وحتى لو تم استقطاب أعداد بسيطة وعلى استحياء من هذه المخرجات، نقول نحن القادمون الجدد بشهادات عليا، حازت على تقدير تلك الدول التي كنا مبتعثين فيها، بأن جُلَّ ماتحتاجه جامعاتنا هو دماء شابة جديدة فيها الحماس لتنهض بالتعليم إلى مستوى يعادل باقي الدول. إن استقطاب عشرة أشخاص في عدد من الجامعات غير كافٍ للنهوض بأي قطاع، ماتحتاجه جامعاتنا هو دماء جديدة وتوجهات مختلفة دون إصدار أعذار مثل وحدة التخصص أو فرق العمر أو الخبرة، ماتحتاجه تلك الجامعات هو أن تجرب عديداً من هذه الطاقات المتحمسة للعطاء ونقل ما استفادته من تجربتها في المجال الأكاديمي أو في المجال البحثي، وعليها أن تجرِّب الاختلاف عدة مرات، لعل هذا المختلف هو الذي بعون الله سينهض بالقطاع الذي يعمل فيه. إن إصدار أحكام مسبقة على مخرجات الابتعاث تجعلنا نستغرب أكثر ونتساءل، هل جامعاتنا لديها طاقة استشعار عن كل هذه الطاقات وبأنها تكاد لاتليق بالمستوى الأكاديمي الذي ترى نفسها في حالة أفضل من تلك الجامعات التي جاء منها الطلاب المبتعثون ضمن برنامج الابتعاث، لكنها تثق بمخرجات التعليم في الدول العربية وتجدها الأكثر ملاءمة! هل طاقة الاستشعار تلك تجعل جامعاتنا تحتاج إلى مخرجات الابتعاث كموظف متعاقد مؤقتاً، لكنها لاتحتاجه بشكل دائم حتى لو أثبت جدارته! هل طاقة الاستشعار تلك تخبر جامعاتنا بأن بعض الخريجين الداخليين يستطيعون أن «يعملوا كمتعاونين ومتعاونات على الرغم من إثبات جدارتهم و «صبرهم» ليتم إهمالهم! وأيضاً، يقال مخرجاتنا لاتنفع! فعلاً لا أستطيع أن أقول سوى «باب النجَّار مخلَّع؟».