كثر الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي والمجالس عن مسجد جهينة وبلي الأثري، وذلك بعد أن تمت إزالته لدخوله في نطاق مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف، فمسجد جهينة وبلي من المساجد النبوية التي اختطها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما ذكر ذلك المؤرخون في كتاب تاريخ ابن شبة وكتاب المطري المتوفى عام 741ه في كتاب «التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة»، وأجمع الرواة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء يعود رجلاً من أصحابه من بني الربعة من جهينة يقال له أبو مريم، فعاده بين منزل بني قيس العطار الذي فيه الأراكة وبين منزلهم الآخر الذي يلي دار الأنصار فصلى في المنزل، فقال نفر من جهينة لأبي مريم لو لحقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألته أن يخط لنا مسجداً فقال: احملوني، فحملوه فلحق النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: مالك يا أبا مريم، فقال: يا رسول الله لو خططت لنا مسجداً، قال: فجاء إلى موقع جهينة وفيه خيام لبلي فأخذ ضلعاً أو محجناً فخط لهم به المسجد، فالمنزل لبلي والخطة لجهينة، وهذا المسجد معروف الموقع؛ حيث يقع غربي جبل جهينة (سليع)، بجانب درب جهينة، كما تذكر المصادر التاريخية، وجبل جهينة أو سليع كان متصلاً بجبل سلع المشهور وقد فصل بينهما حالياً الطريق الدائري الأول، ومن المؤكد أن مسجد جهينة يقع غربي جبل جهينة ويميل إلى الجنوب قليلاً، وأعيد بناء مسجد جهينة وارتبط بباب الكومة وباب الكومة من الأسماء الحديثة نوعاً ما، كما ذكر السيد أحمد ياسين الخياري المتوفى سنة 1380ه، ودرب جهينة تعرف اليوم بباب الكومة، وبعد هذه المعلومات قمت بالاتصال بعالم المدينة المعروف والخبير بمعالمها الأديب الدكتور تنيضب الفايدي، فقال: أعيد بناء مسجد جهينة في موقع يظن أنه موقعه الأساسي، وجعلت تحت البناء مجموعة من المحلات إلى عام 1410ه، ويقع غرب مكتبة الملك عبدالعزيز ب (250م) تقريباً، ولم يشارك الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بناء المسجد بل خطط لذلك، ولا يقتصر المسجد على جهينة فقط وإنما يتقاسمه معهم قبيلة بلي، فالمنزل لبلي والخطة لجهينة، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يصلي في موقع أو في منزل أو يخط مسجداً إذا طلب منه، وذلك لكمال خلقه -صلى الله عليه وسلم-. وبعد هذه المعلومات الموثقة، أتمنى من لجنة تطوير المدينةالمنورة وجهات الاختصاص الإشارة إلى موقع المسجد على الأقل للحفاظ على المساجد التاريخية الأثرية وتسمية أحد الشوارع أو الأحياء بجهينة، خاصة أن تلك المنطقة كان يطلق عليها درب جهينة، هذا مطلب ورجاء نأمل تحقيقه، وذلك للحفاظ على المواقع التاريخية التي لها شأن في تاريخنا الإسلامي.