يتحدث كتاب «السرّ» أو (The secret) لروندا بايرن عن قانون يسمّى قانون الجذب، وهو ببساطة يقول لنا إن ما تفكر فيه وتقنع وتؤمّل نفسك به سيحدث، وستتهيّأ الظروف لحدوثه لك بمجرد رغبتك فيه، وكان للتسويق الإعلامي والدعائيّ الذي رافق كتاب «السرّ» -الذي باع ملايين النسخ بأكثر من ثلاثين لغة- دور كبير في الترويج للكتاب ولفكرته. والحقيقة البسيطة هي أن مؤلف الكتاب قدّم أكثر الأفكار ذكاء على الإطلاق، وأنا لا أقصد هنا فكرة قانون الجذب التي وردت في الكتاب، وإنّما تسويق فكرة مسلّم بها على أنّها سرّ، وإقناع الناس بذلك. يذكرني هذا بكتاب سابق عنوانه «كيف تصبح مليونيراً» باع ملايين النسخ هو الآخر، وأصبح مؤلفه مليونيراً، وأكاد أجزم أن أحداً ممن اقتنى الكتاب لم يكسب ريالاً واحداً بناء على أفكار الكتاب. ولمزيد من الإثارة، راجت إشاعات متزامنة مع انتشار الكتاب عالمياً، بأن الأرواح هي من أملت فحوى كتاب «السرّ»، وفي المقابل كانت هناك تحذيرات أن الماسونية العالمية -إي والله الماسونيّة- هي التي تريد تمرير ونشر أفكار هذا الكتاب عبر العالم، بل زاد بعضهم من ملح الطبخة، وقال إنّ الكتاب يؤدي إلى الشرك، ويدعو إلى عبادة الذات! إنّ من المسلّم به أن حياة الإنسان نتاج أفكاره؛ وذلك لأن الأفكار ليست مجرد خيالات وأوهام تدور في الرؤوس، وإنّما هي فعل طاقة مؤثّر له أبعاده ومجالاته التفاعلية، التي يمكن قياسها فيزيائياً بأكثر من طريقة. إن عالم الأفكار والخيال هو عالم واقعيّ مواز للعالم الماديّ، وهو ذو تأثير طرديّ محسوس، وهذه الحقيقة ليست ضرباً من التهيؤات، وإنّما هي قاعدة علمية أصيلة في كلّ العلوم التي تقيس التفاعلات، وأثبتت تقنية النانو تفاعل الجزيئيات النانويّة مع الأصوات والمشاعر كذلك. وبما أنّنا في يوم جمعة كريم، فإنني أدعوكم إلى الصلاة والسلام على رسول الله، محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، الذي قدّم لنا على طبق من ذهب هذا السرّ الحقيقيّ، الذي قال عنه الإمام الشافعي إنّه ثُلثُ العِلم. ففي حديث «إنّما الأعمال بالنيّات، وإنّما لكل امرئ ما نوى» تأكيد على فعالية الخيال والتفكير وأثره على العمل قبل وأثناء وبعد تنفيذه، فإذا كانت النوايا سلبية وسيئة، فسيجد الإنسان نتائج ما «هاجر إليه» بأفكاره واجتهد له، وإذا كانت إيجابية وجيّدة، فسيجد نتيجة هذا التفكير شاخصة تشقّ له طريق عمله، فإذا كان يومك سيئاً أو جيداً فراجع نفسك في ماذا فكّرت، وما الذي نويته.