تحاول حركة «حماس» المسيطرة على قطاع غزة إخفاء أزمتها المالية عقب سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر بالتزامن مع اتباعها سياسة الصمت تجاه اتهاماتها بأنها تثير العنف المسلح في سيناء، الأمر الذي دفع الجيش المصري إلى تدمير الأنفاق بين رفح المصرية والفلسطينية وإغلاقها بالكامل وحرمان «حماس» من عائدات ضرائبها. واعتمدت حماس منذ حكمها غزة وحصارها من قِبل إسرائيل، على عوائد الضرائب التي فرضتها على كل ما يهربه الغزيون عبر الأنفاق، إلى جانب ما كانت تتلقاه من دعم مالي من الحركة الأم «الإخوان المسلمين»، لكنها اليوم فقدت هذين المصدرين من الدعم، إضافة لما كانت تتلقاه من إيران وسوريا وحزب الله. بوادر الأزمة المالية التي تصر حماس على إخفائها بدأت تظهر على السطح لاسيما في ظل عدم تلقي موظفيها رواتبهم عن الشهر الماضي يوم أمس الأول. ويقول المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عدنان أبوعامر، ل «الشرق»: لاشك أن حماس في أزمة اقتصادية وسياسية لا ينكرها أحد، وإن لم تصرح بها الحركة نتيجة ما يجري في القاهرة. سياسة تقشُّف وذكر أبوعامر أن حماس ستذهب إلى إدارة أزمتها من خلال سياسة التقشف في مصروفات الحكومة، إلى جانب تخفيض الرواتب إلى حين اتضاح الأمور في القاهرة. معتبراً أن حكم العسكر مصر سيهدد حكم حماس في غزة، لكنه رأى أن غزة لديها خياراتها ولا يظن أن صناع القرار فيها سينتظرون بينما هي تختنق. وأوضح أن غزة لم تمر عليها حتى اللحظة ظروف أسوء مما كانت أيام نظام حسني مبارك، لذلك لا أظن أن هناك حالة من التخويف والترهيب لدى سكانها من الأيام القادمة، مبيناً أن تطورات مصر سترحل ملف المصالحة لحين انتهاء إشكالاتها الداخلية وحدوث استقرار فيها. وأشار إلى أن إسقاط الإخوان في مصر له تبعات فكرية أيديولوجية على حماس وليست سياسية، فملف غزة منذ نظام مبارك كان بيد الإدارة الأمنية وليست السياسية، لم يحدث تغير جوهري مع قدوم مرسي، وكل ما حدث كان في إطار البروتوكول فقط. ولفت إلى أن إغلاق الأنفاق يؤثر على الغزيين وليس على حماس. انتزاع مواقف من حماس ولا يظن أبوعامر أن يكرر العسكر تجربة مبارك في حصار غزة، لكنه يتوقع أن يعاني الفلسطينيون خلال الأيام القادمة معاناة اقتصادية معيشية شديدة جداً. ووصف حالة التحريض التي يروج لها الإعلام المصري ضد غزة بأنها ذات تأثير سلبي جداً على العلاقة بين الطرفين، لكن ما يطمئن صناع القرار في غزة أن الأجهزة السيادية المصرية تدرك الأمور جيداً، متوقعاً أن يوظف المصريون التحريض للضغط على حماس تجاه الحصول على مواقف سياسية متعلق بالتهدئة والمصالحة. أهمية الأنفاق لحماس ومن ناحيته، يرى الخبير الاقتصادي عمر شعبان أن المهم بالنسبة لحماس الآن ليس الضرائب التي تجنيها من الأنفاق، إنما بقاؤها مفتوحة لكي توفر احتياجات الغزيين، وعلى حماس أن تدرك مسؤولياتها لاسيما أن انعكاسات أزمة مصر باتت واضحة على الحياة اليومية للغزيين. وقال شعبان ل»الشرق»: حتى لو كانت حماس لا تمر بأزمة مالية لكن عدم توفر الطعام للغزيين يشكل وضعاً محرجاً لحماس، وحماس الآن مهتمة بدخول الغذاء والمواد الخام عبر الأنفاق أكثر من أزمتها المالية لأن ذلك يعود بالدخل عليها. لا خوف من ثورة ولا يعتقد شعبان أن تفاقم الوضع الإنساني في غزة قد يُحدث ثورة ضد حكم حماس لأسباب كثيرة، أهمها أنها أسست مؤسساتها بشكل قوي، إضافة لانقسام الغزيين ما بين فتح وحماس، فليس جميع السكان غاضبين من حكمها، وربط شعبان مستقبل حماس بموقف العالم من الإسلام السياسي. وتوقع أن تكون حماس أقرب مما مضى للمصالحة لأنها لن تصمد كثيراً في ظل الأزمة والضغوطات الكبيرة واحتياجات الناس في غزة تتزايد يوماً بعد يوم، مطالباً المجتمع الدولي والسلطة وحماس بأن يدركوا أنه من الصعب أن يعيش المجتمع الغزي على الأنفاق، لذا عليهم السعي لرفع الحصار.