عمَّت الأسواق السورية حالة من الفوضى والذعر بعد تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز المائتي ليرة سورية، وبحسب ما أفاد بعض الناشطين ل‹الشرق» فإن المشكلة الأساسية تكمن في عدم توفر الدولار بأي سعر، وأن هناك كميات قليلة بيعت منه في أسواق دمشق أمس بسعر 214 ليرة للدولار الواحد، في حين وصل في بعض المناطق إلى 225 ليرة سورية، خاصة وأن المصرف المركزي السوري ووزارة الاقتصاد أوقفا تماماً تمويل أي مستوردات بالعملة الصعبة، وسط أنباء عن تهريب رجل الأعمال رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، نحو ثلاثة عشر مليار دولار إلى خارج سوريا. رد الفعل الأولي على هذا الانهيار المفاجئ لسعر الصرف هو توجُّه المواطن السوري لتحويل مدخراته مهما بلغت ضآلتها إلى الدولار أو عملات أخرى، وهو ما يعكس حالة انعدام ثقة شاملة في الوضع الاقتصادي القائم. رد الفعل الثاني تجلى في ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، إذ بلغ سعر كيلو السكر مائة ليرة والرز مائة ليرة، وكيلو البندورة 120 ليرة، وكيلو الجبنة 350 ليرة، أما طبق البيض فبلغ 400 ليرة، وبدأت الأسعار تقاس بسعر الدولار، فيما يشترط بعض الباعة القبض بالدولار في معاملات تجارية كالسيارات والعقارات. رد الفعل الثالث تجلى في فقدان بعض السلع والمواد الغذائية الأساسية، لاسيما الخبز والطحين المدعومين من الدولة، وبحسب إحدى الناشطات توقفت كثير من الأفران عن العمل، وتواجه الأفران التي تعمل ازدحاماً شديداً، ما يضطر كثيرين للحصول على مادة الخبز من السوق السوداء وبأسعار مضاعفة. الخبير الاقتصادي الدكتور حسين مرهج العماش، رفض ل»الشرق» تسمية ما يحدث في الاقتصاد السوري باسم اقتصاد الحرب، مؤكداً أنه شيء فريد لم يحدث من قبل، وهو أشبه باقتصاد عصابة منغلقة على ذاتها، متوقعاً أن يستمر انهيار الليرة السورية ليصل سعر الدولار إلى ال500 ليرة وحتى الألف ليرة. أما الدكتور عارف دليلة، فكان صرَّح في حديث سابق مع «الشرق» في باريس بأن التضخم عموماً يصبّ في مصلحة النظام لأنه يخفف من نفقات حربه، ويتأذى منه بشكل أساس المواطنون الذين تنخفض مداخيلهم الفعلية مهما طرأ عليها من ارتفاع اسمي. على أي حال، الأثر الأكبر لانخفاض قيمة الليرة كان على المناطق المحاصرة، وبحسب أبواليمام الدمشقي في حديثه ل«الشرق» فإن قوات النظام شدَّدت حصارها على الغوطة الشرقية التي استهلكت آخر ما كان لديها من مخزون الدقيق يوم أمس، بينما يقوم عدد من التجار الموالين للنظام في سوق الهال بدمشق، بشراء كل أنواع السلع الغذائية المتجهة إلى المناطق المحاصرة أو المضربة، بهدف تضييق الخناق عليها أو بهدف الاحتكار، وأشار الدمشقي إلى ضرورة تفعيل العمل الإغاثي والإنساني، لاسيما في الغوطة الشرقية التي تقدر احتياجاتها اليومية من الدقيق ب 120 طناً.